الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3631 باب: ما يجوز في الأضاحي من السن

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب سن الأضحية) .

                                                                                                                              وقال في المنتقى: ( باب السن الذي يجزئ في الأضحية، وما لا يجزئ)

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص117 ج13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن جابر ; قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة. إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما; ( قال: قال [ ص: 423 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تذبحوا إلا مسنة) . قال النووي : قال العلماء: هي الثنية من كل شيء; من الإبل، والبقر، والغنم، فما فوقها. ( إلا أن يعسر عليكم; فتذبحوا جذعة من الضأن) . وهذا تصريح بأنه: لا يجوز الجذع من غير الضأن، في حال من الأحوال. وهذا مجمع عليه، على ما نقله عياض .

                                                                                                                              قال: وأما "الجذع من الضأن": فمذهب العلماء كافة، أنه تجزئ. سواء وجد غيره أم لا. وحكوا عن ابن عمر والزهري أنهما قالا: لا يجزئ. وقد يحتج لهما بظاهر هذا الحديث.

                                                                                                                              قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل. وتقديره: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا "مسنة". فإن عجزتم، فجذعة ضأن. وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن، وأنها لا تجزئ بحال. وقد أجمعت الأمة: أنه ليس على ظاهره. لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن، مع وجود غيره . وابن عمر والزهري : يمنعانه مع وجود غيره وعدمه. فتعين تأويل الحديث على الاستحباب. انتهى.

                                                                                                                              ولا يخفى أن قوله: "لا تذبحوا": نهي عن التضحية بما عدا المسنة مما دونها. وذبح الجذعة مقيد بتعسر المسنة. فلا يجزئ مع عدمه . [ ص: 424 ] ولا بد من مقتض للتأويل المذكور. وحديث أبي هريرة يرفعه: "نعمت الأضحية: الجذع من الضأن". رواه أحمد، والترمذي . وحديث أم بلال عن أبيها مرفوعا: "يجوز الجذع من الضأن ضحية". رواه أحمد، وابن ماجه . وحديث مجاشع بن سليم : "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يقول: إن الجذع يوفي مما توفي منه الثنية". رواه أبو داود، وابن ماجه . إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الباب: يصلح لجعلها: قرينة مقتضية للتأويل. فيتعين المصير إليه لذلك.

                                                                                                                              قال في النيل: أحاديث الباب تدل على أنها تجوز التضحية بالجذع من الضأن، كما ذهب إليه الجمهور. فيرد بها على ابن عمر والزهري، حيث قالا: إنه لا يجزئ. انتهى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية