الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الرابع ) من المخصص المتصل ( الغاية ) والمراد بها : أن يأتي بعد اللفظ العام حرف من أحرف الغاية ، كاللام وإلى وحتى . مثال اللام : قوله سبحانه وتعالى { سقناه لبلد ميت } أي إلى بلد . ومثله قوله تعالى { بأن ربك أوحى لها } أي أوحى إليها . ومن ذلك " أو " في قوله

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

أي : إلى أن أدرك المنى ، وربما كانت " إلى " بمعنى " مع " و " حتى " للابتداء ، نحو حتى ماء دجلة أشكلا ومثال إلى وحتى : أكرم بني تميم إلى أو حتى أن يدخلوا فيقصر على غيرهم ( وهي ) أي الغاية ( كاستثناء في اتصال وعود ) بعد الجمل ففي نحو وقفت على أولادي وأولاد أولادي وأولاد أولاد أولادي إلى أن يستغنوا تعود إلى الكل ( ويخرج الأكثر بها ) بأن يكون غير المخرج أقل من المخرج .

( و ) من أحكامها : أن ( ما بعدها مخالف ) لما قبلها ، أي محكوم عليه بنقيض حكمه عند الأكثر ، لأن ما بعدها لو لم يكن مخالفا لما قبلها لم يكن غاية ، بل وسطا بلا فائدة ، قال الله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } فليس شيء من الليل داخلا قطعا ، وهذا الذي عليه الجمهور . وقال ابن الباقلاني : مخالف لما بعدها نطقا . وقيل : إنه ليس مخالفا مطلقا ، وقيل : مخالف لما بعدها إن كان معها " من " مثاله : بعتك من هذا إلى هذا . وقال الرازي : إن تميز عما قبله بالحس لم يدخل وإلا دخل . والمتميز نحو قوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } فإن لم يتميز حسا استمر ذلك الحكم على ما بعدها نحو قوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } فإن المرفق غير منفصل عن اليد بفصل محسوس . وقيل : إن كان المعنى عينا أو وقتا لم يدخل وإلا [ ص: 411 ] دخل ، نحو قوله عز وجل ( { ولا تقربوهن حتى يطهرن } ) لأن الغاية هنا فعل ، والفعل لا يدخل نفسه ما لم يفعل ، وما لم توجد الغاية لا ينتهي المغيا . فلا بد من وجود الفعل الذي هو غاية النهي لانتهاء النهي . فيبقى الفعل داخلا في النهي .

وقيل : لا تدل الغاية على أن ما بعدها مخالف ولا موافق ، قاله الآمدي ومحل ما تقدم : في غاية تقدمها عموم يشملها ، أما إذا لم يتقدم الغاية عموم يشملها ، فلا يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ، وإلى ذلك أشير بقوله ( إلا في : قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام ونحوه ، فلا ) أي فلا يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ، ويكون الإبهام داخلا قطعا . قال السبكي الكبير : قول الأصوليين إن الغاية من المخصصات إنما هو إذا تقدمها عموم يشملها لو لم يؤت بها . نحو قوله تعالى ( حتى يعطوا الجزية عن يد ) فلولا الغاية لقاتلنا الكفار أعطوا أو لم يعطوا . فأما نحو { رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق } ولو سكت عن الغاية لم يكن الصبي شاملا للبالغ ، ولا النائم للمستيقظ ، ولا المجنون للمفيق فذكر الغاية في ذلك : إما توكيد لتقرير أن أزمنة الصبي وأزمنة الجنون وأزمنة النوم لا يستثنى منها شيء . ونحوه . قوله تعالى . حتى مطلع الفجر طلوعه أو زمن طلوعه ليس من الليل حتى يشمله " سلام هي " بل حقق به ذلك ، وإما للإشعار بأن ما بعد الغاية حكمه مخالف لما قبله .

ولولا الغاية لكان مسكوتا عن ذكر الحكم محتملا ( وغاية ، و ) معنى ( مقيد بها ) أي بالغاية ( يتحدان ويتعدان تسعة أقسام ) لأن الغاية والمغيا : إما أن يكونا متحدين . كأكرم بني تميم إلى أن يدخلوا ، أو متعددين : إما على سبيل الجمع ، كأكرم بني تميم أو أعطهم إلى أن يدخلوا أو يقوموا ، وقد يكون أحدهما متعددا والآخر متحدا . فتكون الأقسام تسعة كالشرط

التالي السابق


الخدمات العلمية