الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              237 (55) باب

                                                                                              في شق صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثانية ، وتطهير قلبه ، وحشوه حكمة وإيمانا عند الإسراء

                                                                                              [ 129 ] عن أبي ذر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ، ففرج صدري ، ثم غسله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، قال : فأفرغها في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي ، فعرج بي إلى السماء . . وذكر الحديث .

                                                                                              رواه أحمد ( 5 \ 122 ) ، والبخاري ( 1636 ) ، ومسلم ( 163 ) .

                                                                                              [ ص: 384 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 384 ] (55) ومن باب الإسراء

                                                                                              " الإسراء " سير الليل ، يقال : سريت مسرى وسرى وأسريت إسراء ، بمعنى واحد ، وبالألف لغة أهل الحجاز وقد جاء في القرآن ، وقال حسان :


                                                                                              حي النضيرة ربة الخدر أسرت إليك ولم تكن تسري

                                                                                              وقيل : أسرى : سار من أول الليل ، وسرى : سار من آخره ، والقول الأول أعرف . ويقال سرينا سرية واحدة ، والاسم السرية بالضم والسرى . ويقال : أسراه وأسرى به ، مثل : أخذ الخطام وأخذ بالخطام .

                                                                                              واختلف في كيفية هذا الإسراء وفي زمانه ، فقيل : كان كله مناما ، وقيل : كان كله يقظة ، وقيل : كان إلى المسجد الأقصى يقظة ، وإلى ما بعد ذلك مناما . وكل تلك الأقسام جائز ، ولكن الذي عليه معظم السلف والخلف أنه أسري بجسده ، وحقيقته في اليقظة إلى آخر ما انطوى عليه الإسراء ، وعليه يدل ظاهر الكتاب وصحيح الأخبار ، ومبادرة [ ص: 385 ] قريش لإنكار ذلك وتكذيبه . ولو كان مناما لما أنكروه ولما افتتن به من افتتن ; إذ كثيرا ما يرى في المنام أمور عجيبة وأحوال هائلة ، فلا يستبعد ذلك في النوم ، وإنما يستبعد في اليقظة .

                                                                                              ولا يعارض ما ذكرناه إلا ظاهر قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [ الإسراء : 60 ] وألفاظ وقعت في بعض طرق أحاديث الإسراء ، كقوله - عليه الصلاة والسلام - : " بينا أنا نائم " ، وقوله : " فاستيقظت " ونحو ذلك مما وقع في كتاب مسلم وغيره . وقد انفصل عن الآية بوجهين :

                                                                                              أحدهما : أن هذه قضية أخرى غير الإسراء على ما ذكره عكرمة ، قال : هي رؤيا دخول المسجد الحرام ، والفتنة : الصد بالحديبية .

                                                                                              الثاني : أن الرؤيا بمعنى الرؤية والمعاينة ، قاله ابن عباس في جماعة ، والفتنة ارتداد من أنكر ذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية