الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      ( فصل ) وأما ما ينكر من الحقوق المشتركة بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين فكالمنع من الإشراف على منازل الناس ، ولا يلزم من علا بناؤه أن يستر سطحه وإنما يلزم أن لا يشرف على غيره ويمنع أهل الذمة من تعلية أبنيتهم على أبنية المسلمين ، فإن ملكوا أبنية عالية أقروا عليها ومنعوا من الإشراف منها على المسلمين ، وأهل الذمة بما شرط عليهم في ذمتهم من لبس الغيار والمخالفة في الهيئة وترك المجاهرة بقولهم في العزير والمسيح ويمنع عنهم من تعرض لهم من المسلمين بسب أو أذى ، ويؤدب عليه من خالف فيه .

                                      وإذا كان في أئمة المساجد السابلة والجوامع الجفلة من يطيل الصلاة حتى يعجز عنها الضعفاء وينقطع بها ذوو الحاجات أنكر ذلك عليه كما { أنكره رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل حين أطال الصلاة بقومه وقال : أفتان أنت يا معاذ } .

                                      فإن أقام على الإطالة ولم يمتنع منها لم يجز أن يؤدبه عليها ولكن يستبدل به من يخففها .

                                      وإذا كان في القضاة من يجيب الخصوم إذا قصدوه ويمتنع من النظر بينهم إذا تحاكموا إليه حتى تقف الأحكام ويستضر الخصوم فللمحتسب أن يأخذه مع ارتفاع الأعذار بما ندب له من النظر بين المتحاكمين وفصل القضاء بين [ ص: 320 ] المتنازعين ، ولا يمنع علو رتبته من إنكار ما قصر فيه .

                                      قد مر إبراهيم بن بطحاء والي الحسبة بجانبي بغداد بدار أبي عمر بن حماد وهو يومئذ قاضي القضاة فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم وقد تعالى النهار وهجرت الشمس ، فوقف واستدعى حاجبه وقال : تقول لقاضي القضاة الخصوم جلوس على الباب وقد بلغتهم الشمس وتأذوا بالانتظار ، فإما جلست لهم أو عرفتهم عذرك فينصرفوا ويعودوا .

                                      وإذا كان في سادة العبيد من يستعملهم فيما لا يطيقون الدوام عليه كان منعهم والإنكار عليهم موقوفا على استعداء العبيد على وجه الإنكار والعظة ، فإذا استعدوه منع حينئذ وزجر .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية