الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      للذين يؤلون من نسائهم الإيلاء - كما قال الراغب - الحلف الذي يقتضي النقيصة في الأمر الذي يحلف فيه من قوله تعالى: لا يألونكم خبالا أي: باطلا ولا يأتل أولو الفضل منكم وصار في الشرع عبارة عن الحلف المانع عن جماع المرأة، فـ يؤلون أي: يحلفون، و من نسائهم على حذف المضاف، أو من إقامة العين مقام الفعل المقصود منه للمبالغة، وعدي القسم على المجامعة بـ من لتضمنه معنى البعد، فكأنه قيل: يبعدون من نسائهم مولين، وقيل: إن هذا الفعل يتعدى بـ (من) و(على)، ونقل أبو البقاء عن بعضهم من أهل اللغة تعديته بـ (من) وقيل بها بمعنى (على)، وقيل: بمعنى (في)، وقيل: زائدة، وجوز جعل الجار ظرفا مستقرا؛ أي: استقر لهم من نسائهم تربص أربعة أشهر وقرئ (ألوا من نسائهم) وفي مصحف أبي: (للذين يقسمون) وهو المروي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ، والتربص الانتظار والتوقف، وأضيف إلى الظرف على الاتساع، وإجراء المفعول فيه مجرى المفعول به، والمعنى على الظرفية، وهو مبتدأ ما قبله خبره أو فاعل للظرف، على ما ذهب إليه الأخفش من جواز عمله وإن لم يعتمد، والجملة - على التقديرين - بمنزلة الاستثناء من قوله سبحانه: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم فإن (الإيلاء) لكون أحد الأمرين لازما له الكفارة على تقدير الحنث من غير إثم، والطلاق على تقدير البر مخالف لسائر الأيمان المكتوبة؛ حيث يتعين فيها (المؤاخذة) بهما أو بأحدهما عند الشافعي، (والمؤاخذة) الأخروية عند أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه -، فكأنه قيل: إلا الإيلاء، فإن حكمه غير ما ذكر، ولذلك لم تعطف هذه الجملة على ما قبلها، وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى: (إن للمولين من نسائهم تربص أربعة أشهر) بين حكمه بقوله تعالى جل شأنه: فإن فاءوا أي: رجعوا في المدة فإن الله غفور رحيم 226 لما حدث منهم من اليمين على الظلم وعقد القلب على ذلك الحنث، أو بسبب الفيئة والكفارة، ويؤيده قراءة ابن مسعود: (فإن فاءوا فيهن).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية