الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما برزوا : أي: ظهر طالوت؛ ومن معه من المؤمنين؛ وصاروا إلى براز من الأرض؛ في موطن الحرب؛ لجالوت وجنوده ؛ وشاهدوا ما هم عليه من العدد؛ والعدد؛ وأيقنوا أنهم غير مطيقين بهم عادة؛ قالوا ؛ أي: جميعا عند تقوي قلوب الفريق الأول منهم بقول الفريق الثاني؛ متضرعين إلى الله (تعالى)؛ مستعينين به: ربنا أفرغ علينا صبرا ؛ على مقاساة شدائد الحرب؛ واقتحام مواردها الصعبة؛ الضيقة؛ وفي التوسل بوصف الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال؛ وإيثار الإفراغ؛ المعرب عن الكثرة؛ وتنكير الصبر؛ المفصح عن التفخيم؛ من الجزالة ما لا يخفى؛ وثبت أقدامنا ؛ في مداحض القتال؛ ومزال النزال. وثبات القدم عبارة عن كمال القوة؛ والرسوخ؛ عند المقارعة؛ وعدم التزلزل وقت المقاومة؛ لا مجرد التقرر في حيز واحد؛ وانصرنا على القوم الكافرين ؛ بقهرهم؛ وهزمهم. ووضع "الكافرين" في موضع الضمير العائد إلى "جالوت وجنوده"؛ للإشعار بعلة النصر عليهم؛ ولقد راعوا في الدعاء ترتيبا بديعا؛ حيث قدموا سؤال إفراغ الصبر؛ الذي هو ملاك الأمر؛ ثم سؤال تثبيت القدم؛ المتفرع عليه؛ ثم سؤال النصر؛ الذي هو الغاية القصوى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية