الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فمن تعجل في يومين الآية [ ص: 464 ] أخرج وكيع ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : في تعجيله ومن تأخر فلا إثم عليه في تأخيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : فلا ذنب له ومن تأخر فلا إثم عليه قال : فلا حرج عليه لمن اتقى ، يقول : اتقى معاصي الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير عن ابن عمر قال : حل النفر في يومين لمن اتقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لمن اتقى قال : لمن اتقى الصيد وهو محرم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج قال : هي في مصحف [ ص: 465 ] عبد الله لمن اتقى الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في « سننه » عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه أناس من أهل مكة فقالوا : يا رسول الله كيف الحج فقال : « الحج عرفات الحج عرفات فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك

                                                                                                                                                                                                                                      أيام منى ثلاثة أيام فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه » ثم أردف رجلا خلفه ينادي بهن .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن علي في قوله فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : غفر له ومن تأخر فلا إثم عليه قال : غفر له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع والفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : مغفور له ومن تأخر فلا إثم عليه قال : مغفور له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في « سننه » عن ابن عباس في الآية قال : من تعجل في يومين غفر له ومن تأخر إلى ثلاثة أيام غفر له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : رجع مغفورا له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : رخص الله أن ينفروا في يومين منها إن شاءوا ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى ، قال قتادة : يرون أنها مغفور له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وابن أبي شيبة عن مجاهد فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : إلى قابل ومن تأخر فلا إثم عليه قال : إلى قابل [ ص: 467 ] وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : لا والذي نفس الضحاك بيده إن نزلت هذه الآية فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه في الإقامة والظعن ولكنه بريء من الذنوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن مسعود فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : خرج من الإثم كله ومن تأخر فلا إثم عليه قال : برئ من الإثم كله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله لمن اتقى قال : لمن اتقى في حجه ، قال قتادة : ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول : من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : كانت امرأة من المهاجرات تحج فإذا رجعت مرت على عمر فيقول لها : أتقيت فتقول : نعم ، فيقول لها : استأنفي العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد ، أن عمر قال لقوم حجاج : أنهزكم إليه غيره قالوا : لا ، قال : أتقيتم قالوا : نعم ، قال : إما لا فاستأنفوا العمل [ ص: 468 ] وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : قد غفر له إنهم يتأولونها على غير تأويلها إن العمرة لتكفر ما معها من الذنوب فكيف بالحج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن معاوية بن قرة المزني فلا إثم عليه قال : خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : إنما جعل الله هذه المناسك ليكفر بها خطايا بني آدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن أبي العالية في قوله فلا إثم عليه لمن اتقى قال : ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي من عمره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في « الشعب » عن الحسن ، أنه قيل له : إن الناس يقولون : إن الحاج مغفور له قال : إنه ذلك إن يدع سيئ ما كان عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال : إذا قضيت حجك فسل [ ص: 469 ] الله الجنة فلعله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأصبهاني في « الترغيب » عن ابراهيم قال : كان يقال : صافحوا الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : تلقوا الحجاج والعمار والغزاة فليدعوا لكم قبل أن يتدنسوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال : كنا نتلقى الحاج فنصافحهم قبل أن يقارفوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأصبهاني عن الحسن ، أنه قيل له ما الحج المبرور قال : أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا قضى أحدكم حجه فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : « لا إله إلا الله وحده لا شريك له [ ص: 470 ] له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن حبان في « الضعفاء »، وابن عدي في « الكامل » والدارقطني في « العلل »عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من حج ولم يزرني فقد جفاني » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني ، وابن عدي والدارقطني والبيهقي في « الشعب » ، وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي والبزار ، وابن خزيمة ، وابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من زار قبري وجبت له شفاعتي » [ ص: 471 ] وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي والبيهقي في « الشعب » عن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج العقيلي في « الضعفاء » والبيهقي في « الشعب » عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 472 ] قال : « من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما من عبد يسلم علي عند قبري إلا وكل الله بها ملكا يبلغني وكفي أمر آخرته ودنياه وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن ابن عمر أنه كان يأتي القبر فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمس القبر ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن محمد بن المنكدر قال : رأيت جابرا وهو يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : هاهنا تسكب العبرات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » [ ص: 473 ] وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة قال : رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان بن سحيم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم قلت : يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم قال : نعم وأرد عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، وابن مردويه عن حاتم بن وردان قال : كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا إلى المدينة ليقرئ عنه النبي صلى الله عليه وسلم السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن أبي فديك قال : سمعت بعض من أدركت يقول : بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآيةإن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة فأجابه ملك : صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة [ ص: 474 ] وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال : حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ووقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله جئتك مثقلا بالذنوب والخطايا مستشفعا بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلا بالذنوب والخطايا أستشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي وأن تشفع في ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول :

                                                                                                                                                                                                                                      يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم     نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
                                                                                                                                                                                                                                      فيه العفاف وفيه الجود والكرم .



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر ، أنه كان يقول للحاج إذا قدم : تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا قدم أحدكم [ ص: 475 ] على أهله من سفر فليهد لأهله فليطرفهم ولو كان حجارة » .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية