الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ذكاة الجنين بذكاة أمه

                                                                                                                                            3643 - ( عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { في الجنين : ذكاته ذكاة أمه } رواه أحمد والترمذي وابن ماجه . وفي رواية قلنا { : يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكل ؟ قال : كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه } رواه أحمد وأبو داود )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا الدارقطني وابن حبان وصححه ، وضعفه عبد الحق وقال : لا يحتج بأسانيده كلها وذلك لأن في بعضها مجالدا ، ولكن أقل أحوال الحديث أن يكون حسنا لغيره لكثرة طرقه ، مجالد ليس إلا في الطريق التي أخرجها الترمذي وأبو داود منها . وقد أخرجه أحمد من طريق ليس فيها ضعيف ، والحاكم أخرجه من طريق فيها عطية عن أبي سعيد وعطية فيه لين . وقد صححه مع ابن حبان ابن دقيق العيد وحسنه الترمذي .

                                                                                                                                            وقال : وفي الباب عن علي عليه السلام وابن مسعود وأبي أيوب والبراء وابن عمر وابن عباس وكعب بن مالك ، وزاد في التلخيص عن جابر وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي هريرة .

                                                                                                                                            أما حديث علي فأخرجه الدارقطني بإسناد فيه الحارث الأعور وموسى بن عمر الكوفي وهما ضعيفان .

                                                                                                                                            وأما حديث ابن مسعود فأخرجه أيضا الدارقطني بسند رجاله ثقات إلا [ ص: 165 ] أحمد بن الحجاج بن الصامت فإنه ضعيف جدا .

                                                                                                                                            وأما حديث أبي أيوب فأخرجه الحاكم وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف .

                                                                                                                                            وأما حديث البراء فأخرجه البيهقي .

                                                                                                                                            وأما حديث ابن عمر فأخرجه الحاكم والطبراني في الأوسط وابن حبان في الضعفاء ، وفي إسناده محمد بن الحسن الواسطي ، ضعفه ابن حبان وفي بعض طرقه عنعنة محمد بن إسحاق ، وفي بعضها أحمد بن عصام وهو ضعيف ، وهو في الموطأ موقوف وهو أصح .

                                                                                                                                            وأما حديث ابن عباس فرواه الدارقطني وفي إسناده موسى بن عثمان العبدي وهو مجهول .

                                                                                                                                            وأما حديث كعب بن مالك فأخرجه الطبراني في الكبير ، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف .

                                                                                                                                            وأما حديث جابر فأخرجه الدارمي وأبو داود ، وفي إسناده عبد الله بن أبي الزناد القداح عن أبي الزبير ، والقداح ضعيف ، وله طرق أخر .

                                                                                                                                            وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء فأخرجهما الطبراني من طريق راشد بن سعد ، وفيه ضعف وانقطاع . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني ، وفي إسناده عمر بن قيس وهو ضعيف قوله : ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) مرفوعا بالابتداء والخبر ، والمراد الإخبار عن ذكاة الجنين بأنها ذكاة أمه فيحل بها كما تحل الأم بها ولا يحتاج إلى تذكية ، وإليه ذهب الثوري والشافعي والحسن بن زياد وصاحبا أبي حنيفة .

                                                                                                                                            وإليه ذهب أيضا مالك واشترط أن يكون قد أشعر ما في بعض روايات الحديث عن ابن عمر بلفظ { إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه } وقد تفرد به أحمد بن عصام كما تقدم . والصحيح أنه موقوف فلا حجة فيه . وأيضا قد روي من طريق ابن أبي ليلى مرفوعا { ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر } وفيه ضعف كما تقدمت الإشارة إليه . وأيضا قد روي من طريق ابن عمر نفسه مرفوعا وموقوفا كما رواه البيهقي أنه قال : " أشعر أو لم يشعر " وذهبت العترة وأبو حنيفة إلى تحريم الجنين إذا خرج ميتا ، وأنها لا تغني تذكية الأم عن تذكيته محتجين بعموم قوله تعالى: { حرمت عليكم الميتة } وهو من ترجيح العام على الخاص .

                                                                                                                                            وقد تقرر في الأصول بطلانه ، ولكنهم اعتذروا عن الحديث بما لا يغني شيئا ، فقالوا : المراد ذكاة الجنين كذكاة أمه . ورد بأنه لو كان المعنى على ذلك لكان منصوبا بنزع الخافض ، والرواية بالرفع ، ويؤيده أنه روي بلفظ " ذكاة الجنين في ذكاة أمه " أي كائنة أو حاصلة في ذكاة أمه .

                                                                                                                                            وروي { ذكاة الجنين بذكاة أمه } والباء للسببية . قال في التلخيص : فائدة : قال ابن المنذر إنه لم يرو عن أحد من الصحابة ولا من العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه إلا ما روي عن أبي حنيفة ا هـ . وظاهر الحديث أنه يحل بذكاة الأم الجنين مطلقا ، سواء خرج حيا أو ميتا فالتفصيل ليس عليه دليل .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية