[ ص: 5062 ] من أخبار الرسل
قال (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنـزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=26قال رب انصرني بما كذبون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=27فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=28فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=29وقل رب أنـزلني منـزلا مباركا وأنت خير المنـزلين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=30إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين
قص الله (تعالى) بعد ذلك قصص النبيين؛ تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتعليما له؛ وبيانا لتشابه إجابة الكافرين; مما يدل على موطن الشك في قلوبهم الذي ينادي بها إلى الكفر؛ وظلم النبيين؛ وإنكار الحقائق التي تؤيدها الفطرة؛ وإنهم إذ يتشابهون في الكفر قد تشابهوا فيما يتذرعون به من إنكار؛ كما أن دعوات النبيين واحدة في
[ ص: 5063 ] ابتدائها؛ وهي الدعوة إلى عبادة الله (تعالى) وحده؛ وهذا
نوح؛ الأب الثاني للبشرية؛ يقول الله - تعالت كلماته - فيه -:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ؛ ناداهم مقربا لنفوسهم؛ متلطفا معهم في القول:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23يا قوم اعبدوا الله ؛ ابتدأ بذكر أنهم قومه الذين ألفهم وألفوه؛ وجربوه؛ ولم يعهدوا عليه كذبا؛ وما أشبه هذا بقول
محمد - صلى الله عليه وسلم - في أول دعوته
لقريش: nindex.php?page=hadith&LINKID=654397 " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ " ؛ قالوا: نعم; ما جربنا عليك إلا صدقا؛ قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ؛ قال
نوح لقومه:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23يا قوم اعبدوا الله ؛ أي: وحده؛ فلا عبادة إلا له وحده; ولذا قال بعد ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ما لكم من إله غيره ؛ " من " ؛ لاستغراق النفي؛ أي: ليس لكم أي إله غيره؛ فلا ألوهية إلا له - سبحانه وتعالى -؛ وحرضهم على الطاعة؛ وخلع عبادة الأوثان؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23أفلا تتقون ؛ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ أي: ترتب على الأمر بعبادته - سبحانه - وحده وبطلان عبادة الأوثان التي يعبدونها؛ أن يطلب منهم؛ محرضا؛ تقوى الله؛ واتقاء عذابه؛ والفاء مؤخرة عن تقديم؛ لأن الاستفهام له الصدارة؛ والاستفهام للتنبيه؛ والتحريض على اتقاء العذاب؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لقومه في أول دعوته:
" إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد؛ وإنها للجنة أبدا أو النار أبدا " .
هذا
nindex.php?page=treesubj&link=33953كلام نوح - عليه السلام - في دعوته قومه؛ وقد بينا أنه يتشابه مع دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - قومه؛ وقد كان جواب قومه بعد أن دعاهم - عليه السلام - مشابها لإجابة
قريش لمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛
[ ص: 5062 ] مِنْ أَخْبَارِ الرُّسُلِ
قَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْـزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=26قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=27فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=28فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=29وَقُلْ رَبِّ أَنْـزِلْنِي مُنْـزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْـزِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=30إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
قَصَّ اللَّهُ (تَعَالَى) بَعْدَ ذَلِكَ قَصَصَ النَّبِيِّينَ؛ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَتَعْلِيمًا لَهُ؛ وَبَيَانًا لِتَشَابُهِ إِجَابَةِ الْكَافِرِينَ; مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَوْطِنِ الشَّكِّ فِي قُلُوبِهِمُ الَّذِي يُنَادِي بِهَا إِلَى الْكُفْرِ؛ وَظُلْمِ النَّبِيِّينَ؛ وَإِنْكَارِ الْحَقَائِقِ الَّتِي تُؤَيِّدُهَا الْفِطْرَةُ؛ وَإِنَّهُمْ إِذْ يَتَشَابَهُونَ فِي الْكُفْرِ قَدْ تَشَابَهُوا فِيمَا يَتَذَرَّعُونَ بِهِ مِنْ إِنْكَارٍ؛ كَمَا أَنَّ دَعَوَاتِ النَّبِيِّينَ وَاحِدَةٌ فِي
[ ص: 5063 ] ابْتِدَائِهَا؛ وَهِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ (تَعَالَى) وَحْدَهُ؛ وَهَذَا
نُوحٌ؛ الْأَبُ الثَّانِي لِلْبَشَرِيَّةِ؛ يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ - فِيهِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ؛ نَادَاهُمْ مُقَرِّبًا لِنُفُوسِهِمْ؛ مُتَلَطِّفًا مَعَهُمْ فِي الْقَوْلِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ؛ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ أَنَّهُمْ قَوْمُهُ الَّذِينَ أَلِفَهُمْ وَأَلِفُوهُ؛ وَجَرَّبُوهُ؛ وَلَمْ يَعْهَدُوا عَلَيْهِ كَذِبًا؛ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا بِقَوْلِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ دَعْوَتِهِ
لِقُرَيْشٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=654397 " أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " ؛ قَالُوا: نَعَمْ; مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا؛ قَالَ: " فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " ؛ قَالَ
نُوحٌ لِقَوْمِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ؛ أَيْ: وَحْدَهُ؛ فَلَا عِبَادَةَ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ; وَلِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ؛ " مِنْ " ؛ لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ؛ أَيْ: لَيْسَ لَكُمْ أَيُّ إِلَهٍ غَيْرُهُ؛ فَلَا أُلُوهِيَّةَ إِلَّا لَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -؛ وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ؛ وَخَلْعِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23أَفَلا تَتَّقُونَ ؛ اَلْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا؛ أَيْ: تُرَتِّبُ عَلَى الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ - سُبْحَانَهُ - وَحْدَهُ وَبُطْلَانِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا؛ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ؛ مُحَرِّضًا؛ تَقْوَى اللَّهِ؛ وَاتِّقَاءَ عَذَابِهِ؛ وَالْفَاءُ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ تَقْدِيمٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَهُ الصَّدَارَةُ؛ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّنْبِيهِ؛ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى اتِّقَاءِ الْعَذَابِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْمِهِ فِي أَوَّلِ دَعْوَتِهِ:
" إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ؛ وَإِنَّهَا لَلْجَنَّةُ أَبَدًا أَوِ النَّارُ أَبَدًا " .
هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=33953كَلَامُ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي دَعْوَتِهِ قَوْمَهُ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَتَشَابَهُ مَعَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمَهُ؛ وَقَدْ كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ بَعْدَ أَنْ دَعَاهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُشَابِهًا لِإِجَابَةِ
قُرَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛