الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3198 ) فصل : واختلفت الرواية في السلم في الحيوان فروي ، لا يصح السلم فيه . وهو قول الثوري وأصحاب الرأي . وروي ذلك عن عمر وابن مسعود وحذيفة ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، والجوزجاني ; لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إن من الربا أبوابا لا تخفى ، وإن منها السلم في السن . ولأن الحيوان يختلف اختلافا متباينا ، فلا يمكن ضبطه . وإن استقصى صفاته التي يختلف بها الثمن ، مثل : أزج الحاجبين ، أكحل العينين ، أقنى الأنف ، أشم العرنين ، أهدب الأشفار ، ألمى الشفة ، بديع الصفة . تعذر تسليمه ; لندرة وجوده على تلك الصفة .

                                                                                                                                            وظاهر المذهب ، صحة السلم فيه . نص عليه ، في رواية الأثرم . قال ابن المنذر : وممن روينا عنه أنه لا بأس بالسلم في الحيوان ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، [ ص: 187 ] والشعبي ، ومجاهد ، والزهري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور . وحكاه الجوزجاني عن عطاء ، والحكم . لأن أبا رافع قال : { استسلف النبي صلى الله عليه وسلم من رجل بكرا } . رواه مسلم . وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبتع البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى مجيء الصدقة } . وقد ذكرنا هذا الحديث في باب الربا . ولأنه ثبت في الذمة صداقا ، فثبت في السلم كالثياب ، فأما حديث عمر ، فلم يذكره أصحاب الاختلاف ، ثم هو محمول على أنهم يشترطون من ضراب فحل بني فلان .

                                                                                                                                            قال الشعبي : إنما كره ابن مسعود السلف في الحيوان ; لأنهم اشترطوا نتاج فحل معلوم . رواه سعيد . وقد روي عن علي ; أنه باع جملا له يدعى عصيفير ، بعشرين بعيرا ، إلى أجل . ولو ثبت قول عمر في تحريم السلم في الحيوان ، فقد عارضه قول من سمينا ممن وافقنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية