الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 78 ] وقيل : أصحها الزهري عن سالم عن أبيه ، وقيل : ابن سيرين عن عبيدة عن علي ، وقيل : الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود ، وقيل الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي ، وقيل مالك عن نافع عن ابن عمر ، فعلى هذا قيل : الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر .

        التالي السابق


        ( وقيل : أصحها ) مطلقا ما رواه أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ( الزهري عن سالم ) بن عبد الله بن عمر ( عن أبيه ) ، وهذا مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صرح بذلك ابن الصلاح .

        ( وقيل ) أصحها محمد ( ابن سيرين عن عبيدة ) السلماني بفتح العين ( عن علي ) بن أبي طالب ، وهو مذهب ابن المديني والفلاس وسليمان بن حرب ، إلا أن سليمان قال : أجودها أيوب السختياني عن ابن سيرين ، وابن المديني : عبد الله بن عون عن ابن سيرين حكاه ابن الصلاح .

        ( وقيل ) أصحها سليمان ( الأعمش عن إبراهيم ) بن يزيد النخعي ( عن علقمة ) بن قيس ( عن ) عبد الله ( بن مسعود ) وهو مذهب ابن معين ، صرح به ابن الصلاح .

        ( وقيل ) أصحها ( الزهري عن ) زين العابدين ( علي بن الحسين عن أبيه ) الحسين ( عن ) أبيه ( علي ) بن أبي طالب ، حكاه ابن الصلاح عن أبي بكر بن أبي شيبة ، والعراقي عن عبد الرزاق .

        [ ص: 79 ] ( وقيل ) أصحها ( مالك ) بن أنس ( عن نافع ) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر ) وهذا قول البخاري ، وصدر العراقي به كلامه ، وهو أمر تميل إليه النفوس ، وتنجذب إليه القلوب .

        روى الخطيب في الكفاية عن يحيى بن بكر أنه قال لأبي زرعة الرازي : يا أبا زرعة ، ليس ذا زعزعة ، عن زوبعة ، إنما ترفع الستر فتنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة حديث مالك عن نافع عن ابن عمر .

        ( فعلى هذا قيل ) عبارة ابن الصلاح ، وبنى الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي أن أجل الأسانيد ( الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر ) .

        واحتج بإجماع أهل الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي ، وبنى بعض المتأخرين على ذلك أن أجلها رواية أحمد بن حنبل عن الشافعي عن مالك ؛ لاتفاق أهل الحديث على أن أجل من أخذ عن الشافعي من أهل الحديث الإمام أحمد ، وتسمى هذه الترجمة سلسلة الذهب ، وليس في مسنده على كبره بهذه الترجمة سوى حديث واحد وهو في الواقع أربعة أحاديث جمعها وساقها مساق الحديث الواحد ، [ ص: 80 ] بل لم يقع لنا على هذه الشريطة غيرها ، ولا خارج المسند .

        أخبرني شيخنا الإمام تقي الدين الشمني رحمه الله بقراءتي عليه ، أنا عبد الله بن أحمد الحنبلي ، أنا أبو الحسن العرضي ، أخبرتنا زينب بنت مكي ، ح وأخبرني عاليا مسند الدنيا على الإطلاق أبو عبد الله محمد بن مقبل الحلبي مكاتبة منها ، عن الصلاح بن أبي عمر المقدسي وهو آخر من روى عنه ، أنا أبو الحسن بن البخاري وهو آخر من حدث عنه ، قالا : أنا أبو علي الرصافي ، أنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا أبو علي التميمي ، أنا أبو بكر القطيعي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، أنبأنا محمد بن إدريس الشافعي ، أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يبع بعضكم على بعض ، ونهى عن النجش ونهى عن بيع حبل الحبلة ونهى عن المزابنة ، والمزابنة : بيع التمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا " ، أخرجه البخاري مفرقا ، من حديث مالك ، وأخرجها مسلم من حديث مالك ، إلا النهي عن حبل الحبلة فأخرجه من وجه آخر .



        [ ص: 81 ] تنبيهات

        الأول : اعتراض مغلطاي على التميمي في ذكره الشافعي برواية أبي حنيفة عن مالك ، إن نظرنا إلى الجلالة ، وابن وهب والقعنبي إن نظرنا إلى الإتقان .

        قال البلقيني في " محاسن الإصلاح " : فأما أبو حنيفة فهو وإن روى عن مالك كما ذكره الدارقطني ، لكن لم تشتهر روايته عنه ، كاشتهار رواية الشافعي ، أما القعنبي وابن وهب فأين تقع رتبتهما من رتبة الشافعي ، وقال العراقي فيما رأيته بخطه : رواية أبي حنيفة عن مالك فيما ذكره الدارقطني في غرائبه ، وفي " المدبج " ليست من روايته عن ابن عمر ، والمسألة مفروضة في ذلك ، قال : نعم ذكر الخطيب حديثا كذلك في الرواية عن مالك .

        وقال شيخ الإسلام : أما اعتراضه بأبي حنيفة ، فلا يحسن ؛ لأن أبا حنيفة لم تثبت روايته عن مالك ، وإنما أوردها الدارقطني ثم الخطيب لروايتين وقعتا لهما عنه بإسنادين فيهما مقال ، وأيضا فإن رواية أبي حنيفة عن مالك إنما هي فيما ذكره [ ص: 82 ] في المذاكرة ، ولم يقصد الرواية عنه كالشافعي الذي لازمه مدة طويلة وقرأ عليه الموطأ بنفسه ، وأما اعتراضه بابن وهب والقعنبي ، فقد قال الإمام أحمد : إنه سمع الموطأ من الشافعي بعد سماعه له من ابن مهدي الراوي له عن مالك بكثرة ، قال : لأني رأيته فيه ثبتا ، فعلل إعادته لسماعه وتخصيصها بالشافعي بأمر يرجع إلى التثبت ، ولا شك أن الشافعي أعلم بالحديث منهما .

        قال : نعم ، أطلق ابن المديني أن القعنبي أثبت الناس في الموطأ ، والظاهر أن ذلك بالنسبة إلى الموجودين عند إطلاق تلك المقالة ، فإن القعنبي عاش بعد الشافعي مدة ، ويؤيد ذلك معارضة هذه المقالة بمثلها ، فقد قال ابن معين مثل ذلك في عبد الله بن يوسف التنيسي .

        قال : ويحتمل أن يكون وجه التقديم من جهة من سمع كثيرا من الموطأ من لفظ مالك ، بناء على أن السماع من لفظ الشيخ أتقن من القراءة عليه ، وأما ابن وهب فقد قال غير واحد : إنه غير جيد التحمل ، فيحتاج إلى صحة النقل عن أهل الحديث إن كان أتقن الرواة عن مالك ، ثم كان كثير اللزوم له .

        قال : والعجب من ترديد المعترض بين الأجلية والأتقنية ، وأبو منصور إنما عبر بأجل ، ولا يشك أحد أن الشافعي أجل من هؤلاء ، لما اجتمع له من الصفات [ ص: 83 ] العلية الموجبة لتقديمه ، وأيضا فزيادة إتقانه لا يشك فيها من له علم بأخبار الناس ، فقد كان أكابر المحدثين يأتونه فيذاكرونه بأحاديث أشكلت عليهم ، فيبين لهم ما أشكل ، ويوقفهم على علل غامضة ، فيقومون وهم يتعجبون ، وهذا لا ينازع فيه إلا جاهل أو متغافل .

        قال : لكن إيراد كلام أبي منصور في هذا الفصل فيه نظر ؛ لأن المراد بترجيح ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر على غيرها ، إن كان المراد به ما وقع في الموطأ ، فرواته فيه سواء من حيث الاشتراك في رواية تلك الأحاديث ، ويتم ما عبر به أبو منصور من أن الشافعي أجلهم ، وإن كان المراد به أعم من ذلك ، فلا شك ، أن عند كثير من أصحاب مالك من حديثه خارج الموطأ ما ليس عند الشافعي ، فالمقام على هذا مقام تأمل ، وقد نوزع في أحمد بمثل ما نوزع في الشافعي من زيادة الممارسة والملازمة لغيره ؛ كالربيع مثلا ، ويجاب بمثل ما تقدم .



        الثاني : ذكر المصنف تبعا لابن الصلاح في هذه المسألة خمسة أقوال ، وبقي أقوال أخر : فقال حجاج بن الشاعر : أصح الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب ، يعني عن شيوخه ، هذه عبارة شيخ الإسلام في نكته .

        وعبارة الحاكم : قال حجاج : اجتمع أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني [ ص: 84 ] في جماعة معهم فتذاكروا أجود الأسانيد ، فقال رجل منهم : أجود الأسانيد : شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة ، ثم نقل عن ابن معين وأحمد ما سبق عنهما . وقال ابن معين : عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ، ليس إسناد أثبت من هذا ، أسنده الخطيب في الكفاية .

        قال شيخ الإسلام ابن حجر : فعلى هذا لابن معين قولان ، وقال سليمان بن داود الشاذكوني : أصح الأسانيد يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .

        وعن خلف بن هشام البزار قال : سألت أحمد بن حنبل ، أي الأسانيد أثبت ؟ قال : أيوب عن نافع عن ابن عمر ، فإن كان من رواية حماد بن زيد عن أيوب ، فيالك .

        قال ابن حجر فلأحمد قولان ، وروى الحاكم في مستدركه عن إسحاق بن راهويه قال : إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة ، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر ، وهذا مشعر بجلالة إسناد أيوب عن نافع عنده .

        [ ص: 85 ] وروى الخطيب في الكفاية عن وكيع قال : لا أعلم في الحديث شيئا أحسن إسنادا من هذا : شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى الأشعري ، وقال ابن المبارك والعجلي : أرجح الأسانيد وأحسنها ، سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود ، وكذلك رجحها النسائي .



        وقال النسائي : أقوى الأسانيد التي تروى ، فذكر منها الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عمر ، ورجح أبو حاتم الرازي ترجمة يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، وكذا رجح أحمد رواية عبيد الله عن نافع ، على رواية مالك عن نافع ، ورجح ابن معين ترجمة يحيى بن سعيد ؛ عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم عن عائشة .



        الثالث : قال الحاكم : ينبغي تخصيص القول في أصح الأسانيد بصحابي أو بلد مخصوص ، بأن يقال : أصح إسناد فلان أو الفلانيين كذا ولا يعمم ، قال : فأصح أسانيد الصديق : إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه .

        وأصح أسانيد عمر : الزهري عن سالم عن أبيه عن جده .

        [ ص: 86 ] وقال ابن حزم : أصح طريق يروى في الدنيا عن عمر : الزهري عن السائب بن يزيد عنه .

        قال الحاكم : وأصح أسانيد أهل البيت : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن علي ، إذا كان الراوي عن جعفر ثقة ، هذه عبارة الحاكم ووافقه من نقلها وفيها نظر ، فإن الضمير في جده إن عاد إلى جعفر فجده علي لم يسمع من علي بن أبي طالب ، أو إلى محمد فهو لم يسمع من الحسين .

        وحكى الترمذي في الدعوات عن سليمان بن داود أنه قال في رواية الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي هذا الإسناد : مثل الزهري عن سالم عن أبيه .

        ثم قال الحاكم : وأصح أسانيد أبي هريرة : الزهري عن سعيد بن المسيب عنه ، وروى قبل عن البخاري أبو الزناد عن الأعرج عنه ، وحكى غيره عن ابن المديني من أصح الأسانيد : حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة .

        [ ص: 87 ] قال : وأصح أسانيد ابن عمر : مالك عن نافع عنه . وأصح أسانيد عائشة : عبيد الله بن عمر عن القاسم عنها ، قال ابن معين : هذه ترجمة مشبكة بالذهب .

        قال : ومن أصح الأسانيد أيضا الزهري عن عروة بن الزبير عنها .

        ( وقد تقدم عن الدارمي قول آخر ) .

        وأصح أسانيد ابن مسعود : سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه ، وأصح أسانيد أنس : مالك بن أنس عن الزهري عنه .

        قال شيخ الإسلام : وهذا مما ينازع فيه ، فإن قتادة وثابتا البناني أعرف بحديث أنس عن الزهري ، ولهما من الرواة جماعة ، فأثبت أصحاب ثابت : حماد بن زيد ، وقيل : حماد بن سلمة ، وأثبت أصحاب قتادة : شعبة ، وقيل : هشام الدستوائي .

        وقال البزار : رواية علي بن الحسين بن علي عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص : أصح إسناد يروى عن سعد .

        وقال أحمد بن صالح المصري : أثبت أسانيد أهل المدينة : إسماعيل بن أبي [ ص: 88 ] حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة .

        قال الحاكم : وأصح أسانيد المكيين : سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر ، وأصح أسانيد اليمانيين : معمر عن همام عن أبي هريرة .

        وأثبت أسانيد المصريين : الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر .

        وأثبت أسانيد الخراسانيين : الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه .

        وأثبت أسانيد الشاميين : الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة .

        قال شيخ الإسلام ابن حجر : ورجح بعض أئمتهم رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر ، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه : ليس بالكوفة أصح من هذا الإسناد : يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن الحارث بن سويد عن علي .

        وكان جماعة لا يقدمون على حديث الحجاز شيئا ، حتى قال مالك : إذا خرج الحديث عن الحجاز انقطع نخاعه .

        [ ص: 89 ] وقال الشافعي : إذا لم يوجد للحديث من الحجاز أصل ، ذهب نخاعه ، حكاه الأنصاري في كتاب ذم الكلام ، وعنه أيضا : كل حديث جاء من العراق وليس له أصل في الحجاز فلا يقبل ، وإن كان صحيحا ، ما أريد إلا نصيحتك .

        وقال مسعر : قلت لحبيب بن أبي ثابت : أيما أعلم بالسنة أهل الحجاز أم أهل العراق ؟ فقال : بل أهل الحجاز . وقال الزهري : إذا سمعت بالحديث العراقي فأورد به ثم أورد به .

        وقال طاوس : إذا حدثك العراقي مائة حديث فاطرح تسعة وتسعين . وقال هشام بن عروة : إذا حدثك العراقي بألف حديث فألق تسعمائة وتسعين ، وكن من الباقي في شك .

        وقال الزهري : إن في حديث أهل الكوفة دغلا كثيرا . وقال ابن المبارك : حديث أهل المدينة أصح وإسنادهم أقرب .

        وقال الخطيب : أصح طرق السنن ما يرويه أهل الحرمين " مكة والمدينة " ، فإن التدليس عنهم قليل ، والكذب ووضع الحديث عندهم عزيز .

        ولأهل اليمن روايات جيدة وطرق صحيحة ، إلا أنها قليلة ، ومرجعها إلى أهل الحجاز أيضا .

        [ ص: 90 ] ولأهل البصرة من السنن الثابتة بالأسانيد الواضحة ما ليس لغيرهم مع إكثارهم . والكوفيون مثلهم في الكثرة ، غير أن رواياتهم كثيرة الدغل ، قليلة السلامة من العلل .

        وحديث الشاميين أكثره مراسيل ومقاطيع ، وما اتصل منه مما أسنده الثقات فإنه صالح . والغالب عليه ما يتعلق بالمواعظ .

        وقال ابن تيمية : اتفق أهل العلم بالحديث على أن أصح الأحاديث ما رواه أهل المدينة ، ثم أهل البصرة ، ثم أهل الشام .



        الرابع : قال أبو بكر البرديجي : أجمع أهل النقل على صحة أحاديث الزهري عن سالم عن أبيه ، وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة من رواية مالك وابن عيينة ومعمر والزبيدي وعقيل ، ما لم يختلفوا ، فإذا اختلفوا توقف فيه .

        قال شيخ الإسلام : وقضية ذلك ، أن يجري هذا الشرط في جميع ما تقدم ، فيقال : إنما يوصف بالأصحية حيث لا يكون هناك مانع من اضطراب أو شذوذ .



        [ ص: 91 ] فوائد

        الأولى : تقدم عن أحمد أنه سمع الموطأ من الشافعي ، وفيه من روايته عن نافع عن ابن عمر العدد الكثير ، ولم يتصل لنا منه إلا ما تقدم .

        قال شيخ الإسلام في أماليه : لعله لم يحدث به أو حدث به وانقطع .

        الثانية : جمع الحافظ أبو الفضل العراقي في الأحاديث التي وقعت في المسند لأحمد ، والموطأ بالتراجم الخمسة التي حكاها المصنف ، وهي المطلقة ، وبالتراجم التي حكاها الحاكم وهي المقيدة ، ورتبها على أبواب الفقه وسماها : " تقريب الأسانيد " .

        قال شيخ الإسلام : وقد أخلى كثيرا من الأبواب لكونه لم يجد فيها تلك الشريطة ، وفاته أيضا جملة من الأحاديث على شرطه لكونه تقيد بالكتابين للغرض الذي أراده من كون الأحاديث المذكورة تصير متصلة الأسانيد مع الاختصار البالغ .

        قال : ولو قدر أن يتفرغ عارف لجمع الأحاديث الواردة بجميع التراجم المذكورة من غير تقييد بالكتاب ، ويضم إليها التراجم المزيدة عليه لجاء كتابا حافلا حاويا لأصح الصحيح .

        الثالثة : مما يناسب هذه المسألة : أصح الأحاديث المقيدة : كقولهم أصح شيء [ ص: 92 ] في الباب كذا ، وهذا يوجد في جامع الترمذي كثيرا ؛ وفي تاريخ البخاري وغيرهما .

        وقال المصنف في الأذكار : لا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث ، فإنهم يقولون : هذا أصح ما جاء في الباب وإن كان ضعيفا ، ومرادهم أرجحه ، أو أقله ضعفا .

        ذكر ذلك عقب قول الدارقطني : أصح شيء في فضائل السور فضل قل هو الله أحد ، وأصح شيء في فضائل الصلوات فضل صلاة التسابيح ، ومن ذلك أصح مسلسل ، وسيأتي في نوع المسلسل .

        الرابعة : ذكر الحاكم هنا والبلقيني في محاسن الاصطلاح ، أوهى الأسانيد ، مقابلة لأصح الأسانيد ، وذكره في نوع الضعيف أليق ، وسيأتي إن شاء الله تعالى .




        الخدمات العلمية