الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              234 (56) باب

                                                                                              ما خص الله به محمدا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من كرامة الإسراء

                                                                                              [ 131 ] عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أتيت بالبراق - وهو دابة أبيض طويل ، فوق الحمار ، ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه - . قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس . قال : فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء . قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت ، فجاءني جبريل - عليه السلام - بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل : اخترت الفطرة . قال : ثم عرج بنا إلى السماء ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بآدم ، فرحب بي ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا - صلوات الله عليهما - فرحبا ودعوا لي بخير . ثم عرج بي إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل . فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف ، إذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس ، فرحب ودعا لي بخير ، قال الله تعالى : ورفعناه مكانا عليا [ مريم : 57 ] . ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون . قال : فرحب ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى ، فرحب ودعا لي بخير . ثم عرج إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه . ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال . قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها . فأوحى الله إلي ما أوحى ، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة . فنزلت إلى موسى ، فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة . قال : ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم . قال : فرجعت إلى ربي ، فقلت : يا رب ! خفف على أمتي ، فحط عني خمسا . فرجعت إلى موسى ، فقلت : حط عني خمسا . قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف . قال : فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ، حتى قال : يا محمد ! إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة ، لكل صلاة عشر ، فذلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة . قال : فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه .

                                                                                              رواه مسلم ( 162 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              الخدمات العلمية