الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
المثال الحادي عشر :

ردوا محكم قوله { ألا له الخلق والأمر } وقوله { ولكن حق القول مني } وقوله { قل نزله روح القدس من ربك بالحق } وقوله : { وكلم الله موسى تكليما } وقوله { اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } } وغيرها من النصوص المحكمة بالمتشابه ( الجهمية ) من قوله : { خالق كل شيء } : وقوله { إنه لقول رسول كريم } والآيتان حجة عليهم ; فإن صفات الله جل جلاله داخلة في مسمى اسمه ; فليس " الله " اسما لذات لا سمع لها ولا بصر لها ولا حياة لها ولا كلام لها ولا علم ، وليس هذا رب العالمين ، وكلامه تعالى وعلمه وحياته وقدرته ومشيئته ورحمته داخلة في مسمى اسمه ; فهو سبحانه بصفاته وكلامه الخالق ، وكل ما سواه مخلوق ، وأما إضافة القرآن إلى الرسول فإضافة تبليغ محض ، لا إنشاء .

والرسالة تستلزم تبليغ كلام المرسل ، ولو لم يكن للمرسل كلام يبلغه الرسول لم يكن رسولا ; ولهذا قال غير واحد من السلف ; من أنكر أن يكون الله متكلما فقد أنكر رسالة رسله فإن حقيقة رسالتهم تبليغ كلام من أرسلهم ; فالجهمية وإخوانهم ردوا تلك النصوص المحكمة بالمتشابه ، ثم صيروا الكل متشابها ، ثم ردوا الجميع ، فلم يثبتوا لله فعلا [ ص: 215 ] يقوم به يكون به فاعلا كما لم يثبتوا له كلاما يقوم به يكون به متكلما ; فلا كلام له عندهم ولا أفعال ، بل كلامه وفعله عندهم مخلوق منفصل عنه ، وذلك لا يكون صفة له ; لأنه سبحانه إنما يوصف بما قام به لا بما لم يقم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية