الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ بوأنا يقال : بوأه منـزلا ، أي : أنزله فيه ، ولما لزمه جعل الثاني مباءة للأول قيل : لإبراهيم مكان البيت وعليه مبنى قول ابن عباس رضي الله عنهما : "جعلناه" أي : اذكر وقت جعلنا مكان البيت مباءة له عليه السلام ، أي : مرجعا يرجع إليه للعمارة والعبادة ، وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر بيانه غير مرة ، وقيل : اللام زائدة ، و"مكان" ظرف كما في أصل الاستعمال ، أي : أنزلناه فيه . قيل : رفع البيت إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء فأعلم الله تعالى إبراهيم عليه السلام مكانه بريح أرسلها يقال لها : الخجوج ، كنست ما حوله فبناه على رأسه القديم . روي أن الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات ، إحداها : بناء الملائكة وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفعت أيام الطوفان . والثانية : بناء إبراهيم عليه السلام . والثالثة : بناء قريش في الجاهلية . وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البناء . والرابعة : بناء ابن الزبير . والخامسة : بناء الحجاج . وقد أوردنا ما في هذا الشأن من الأقاويل في تفسير قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت .

                                                                                                                                                                                                                                      و"أن" في قوله تعالى : أن لا تشرك بي شيئا مفسرة لبوأنا من حيث إنه متضمن لمعنى تعبدنا لأن التبوئة للعبادة ، أو مصدرية موصولة بالنهي . وقد مر تحقيقه في أوائل (سورة هود ) أي : فعلنا ذلك لئلا تشرك بي في العبادة شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود أي : وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلي فيه ، ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعت . وقرئ : "يشرك" بالياء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية