الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النهي عن المثلة

                                                                                                          1408 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا فقال اغزوا بسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وفي الحديث قصة قال وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وشداد بن أوس وعمران بن حصين وأنس وسمرة والمغيرة ويعلى بن مرة وأبي أيوب قال أبو عيسى حديث بريدة حديث حسن صحيح وكره أهل العلم المثلة [ ص: 552 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 552 ] قوله : ( أوصاه في خاصة نفسه ) أي : في حق نفسه خصوصا ، وهو متعلق بـ قوله : ( بتقوى الله ) وهو متعلق بأوصاه وقوله : ( ومن معه ) معطوف على خاصته أي : وفي من معه ( من المسلمين خيرا ) نصب على انتزاع الخافض أي : بخير ، قال الطيبي : و ( من ) في محل الجر ، وهو من باب العطف على عاملين مختلفين كأنه قيل : أوصى بتقوى الله في خاصة نفسه ، وأوصى بخير في من معه من المسلمين ، وفي اختصاص التقوى بخاصة نفسه والخير بمن معه من المسلمين إشارة أن عليه أن يشد على نفسه فيما يأتي ويذر ، وأن يسهل على من معه من المسلمين ويرفق بهم كما ورد يسروا ، ولا تعسروا وبشروا ، ولا تنفروا ( فقال اغزوا بسم الله ) أي : مستعينين بذكره ( في سبيل الله ) أي : لأجل مرضاته وإعلاء دينه ( قاتلوا من كفر بالله ) جملة موضحة لـ ( اغزوا ) ( اغزوا ، ولا تغلوا ) وفي المشكاة : فلا تغلوا ، قال القاري : أعاد قوله اغزوا ليعقبه بالمذكورات بعده . انتهى ، وهو بضم الغين المعجمة وتشديد اللام أي : لا تخونوا في الغنيمة . ( ولا تغدروا ) بكسر الدال أي : لا تنقضوا العهد ، وقيل لا تحاربوهم قبل أن تدعوهم إلى الإسلام ( ولا تمثلوا ) بضم المثلثة ، قال النووي في تهذيبه : مثل به يمثل كقتل إذا قطع أطرافه ، وفي القاموس : مثل بفلان مثلا ومثلة بالضم نكل كمثل تمثيلا ، وقال الجزري في النهاية : يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به ، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه ، أو أذنه ، أو مذاكيره ، أو شيئا من أطرافه ، والاسم : المثلة فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة . انتهى . ( ولا تقتلوا وليدا ) أي : طفلا صغيرا ( وفي الحديث قصة ) رواها مسلم بطولها .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود وشداد بن أوس وسمرة والمغيرة ويعلى بن مرة وأبي أيوب ) قال الشوكاني قد وردت في ذلك أحاديث كثيرة . انتهى . قلت : ذكر بعضا منها الطحاوي في شرح الآثار . [ ص: 553 ] قوله : ( حديث بريدة حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم . قوله : ( وكره أهل العلم المثلة ) أي : حرموها فالمراد بالكراهة التحريم ، وقد عرفت في المقدمة أن السلف رحمهم الله يطلقون الكراهة ويريدون بها الحرمة .




                                                                                                          الخدمات العلمية