الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1991 23 - باب العمرة

                                                              131 \ 1908 - وعن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين، عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: لم يتكلم المنذري على هذا الحديث، وهو وهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في شوال قط، فإنه لا ريب أنه اعتمر عمرة الحديبية، وكانت في ذي القعدة، ثم اعتمر من العام القابل عمرة القضية، وكانت في ذي القعدة، ثم غزا غزاة الفتح ودخل مكة غير محرم، ثم خرج إلى هوازن وحرب ثقيف، ثم رجع إلى مكة فاعتمر من الجعرانة، وكانت في ذي القعدة، ثم اعتمر مع حجته عمرة قرنها بها، وكان ابتداؤها في ذي [ ص: 393 ] القعدة، وسيأتي حديث أنس بعد هذا في أن عمره كلها صلى الله عليه وسلم كانت في ذي القعدة.

                                                              وقد روى مالك في "الموطأ" عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثا، إحداهن في شوال، واثنتين في ذي القعدة . وهذا مرسل عند جميع رواة "الموطأ".

                                                              قال ابن عبد البر: وقد روي مسندا عن عائشة، وليس رواته مسندا ممن يذكر مع مالك في صحة النقل.

                                                              وقال ابن شهاب: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر، اعتمر عام الحديبية، فصده الذين كفروا في ذي القعدة سنة ست، واعتمر من العام المقبل في ذي القعدة سنة سبع، آمنا هو وأصحابه، ثم اعتمر العمرة الثالثة في ذي القعدة سنة ثمان، حين أقبل من الطائف من الجعرانة .

                                                              وروى معمر عن الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعا ، فذكر [ ص: 394 ] مثل هذا، وكذلك في حديث عبد الله بن عمرو وغيره، وكذلك ذكر موسى بن عقبة وزاد: ومنهن واحدة مع حجته وكذلك قال جابر: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة، إحداهن زمن الحديبية، والأخرى في صلح قريش، والأخرى في رجعته من الطائف ومن حنين من الجعرانة . وهذا لا يناقض ما روى الثوري، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج: [حجتين] قبل أن يهاجر، وحجة بعد ما هاجر، معها عمرةفإن جابرا أراد عمرته المفردة التي أنشأ لها سفرا لأجل العمرة، ولا يناقض هذا أيضا حديث ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين كما سيأتي بعد هذا، فإن كان هذا محفوظا عن عائشة: أنه اعتمر في شوال فلعله عرض لها في ذلك ما عرض لابن عمر من قوله: إنه اعتمر في رجب ، وإن لم يكن محفوظا عن عائشة كان الوهم [ ص: 395 ] من عروة أو من هشام، والله أعلم، بل أن يحمل على أنه ابتدأ إحرامها في شوال، وفعلها في ذي القعدة. فتتفق الأحاديث كلها، والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية