الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1136 - من تزوج ولم يفرض صداقا

                                                                                            2791 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة ، ثنا أحمد بن حازم بن [ ص: 535 ] أبي غرزة ، ثنا إبراهيم بن الخليل ، ثنا علي بن مسهر ، ثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة بن قيس ، أن قوما أتوا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فقالوا له : إن رجلا منا تزوج امرأة ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يجمعها إليه حتى مات ، فقال لهم عبد الله : ما سئلت عن شيء منذ فارقت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أشد علي من هذه ، فأتوا غيري . قالوا : فاختلفوا إليه فيها شهرا ، ثم قالوا له في آخر ذلك : من نسأل إذا لم نسألك ، وأنت آخيت أصحاب محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا البلد ، ولا نجد غيرك ؟ فقال : سأقول فيها بجهد رأيي ، فإن كان صوابا ، فمن الله وحده لا شريك له ، وإن كان خطأ فمني ، والله ورسوله منه بريء : أرى أن أجعل لها صداقا كصداق نسائها ، لا وكس ولا شطط ، ولها الميراث ، وعليها العدة أربعة أشهر وعشرا ، قال : وذلك يسمع أناس من أشجع فقاموا فقالوا : نشهد أنك قضيت بمثل الذي قضى به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في امرأة منا يقال لها بروع بنت واشق ، قال : فما رؤي عبد الله فرح بشيء ما فرح يومئذ إلا بإسلامه ، ثم قال : اللهم إن كان صوابا فمنك وحدك ، لا شريك لك ، وإن كان خطأ فمني ، ومن الشيطان ، والله ورسوله منه بريء .

                                                                                            هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .

                                                                                            2792 - سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ، وقيل له : سمعت الحسن بن سفيان يقول : سمعت حرملة بن يحيى يقول : سمعت الشافعي يقول : إن صح حديث بروع بنت واشق به قلت به . فقال أبو عبد الله : لو حضرت الشافعي - رضي الله عنه - لقمت على رءوس أصحابه وقلت : فقد صح الحديث فقل به .

                                                                                            قال الحاكم : فالشافعي إنما قال : لو صح الحديث ، لأن هذه الرواية وإن كانت صحيحة فإن الفتوى فيه لعبد الله بن مسعود ، وسند الحديث لنفر من أشجع ، وشيخنا أبو عبد الله - رحمه الله - إنما حكم بصحة الحديث لأن الثقة قد سمى فيه رجلا من الصحابة ، وهو معقل بن سنان الأشجعي وبصحة ما ذكرته أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله - رضي الله عنه - في رجل تزوج امرأة ، فمات [ ص: 536 ] ولم يدخل بها ، ولم يفرض لها ، فقال : لها الصداق كاملا ، وعليها العدة ، ولها الميراث . فقام معقل بن سنان فقال : شهدت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قضى به في بروع بنت واشق - رضي الله عنها - .

                                                                                            فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية