الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين

                                                                                                                                                                                                                                      ولكل أمة أي : لكل أهل دين جعلنا منسكا أي : متعبدا وقربانا يتقربون به إلى الله عز وجل . وقرئ بكسر السين ، أي : موضع نسك ، وتقديم الجار والمجرور على الفعل للتخصيص ، أي : لكل أمة من الأمم جعلنا منسكا لا لبعض دون بعض . ليذكروا اسم الله خاصة دون غيره ويجعلوا نسيكتهم لوجهه الكريم ، علل الجعل به تنبيها على أن المقصود الأصلي من المناسك تذكر المعبود . على ما رزقهم من بهيمة الأنعام عند ذبحها ، وفيه تنبيه على أن القربان يجب أن يكون من الأنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      والخطاب في قوله تعالى : فإلهكم إله واحد للكل تغليبا ، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، فإن جعله تعالى لكل أمة من الأمم منسكا مما يدل على وحدانيته تعالى . وإنما قيل : إله واحد ولم يقل : واحد ، لما أن المراد بيان أنه تعالى واحد في ذاته كما أنه واحد في إلهيته للكل . والفاء في قوله تعالى : فله أسلموا لترتيب ما بعدها من الأمر بالإسلام على وحدانيته تعالى . وتقديم الجار والمجرور على الأمر [ ص: 107 ] للقصر ، أي : فإذا كان إلهكم إلها واحدا فأخلصوا له التقرب أو الذكر واجعلوه لوجهه خاصة ولا تشوبوه بالشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وبشر المخبتين تجريد للخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : المتواضعين أو المخلصين ، فإن الإخبات من الوظائف الخاصة بهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية