الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      289- وقال: (ولا تتمنوا) إن شئت أدغمت التاء الأولى في الآخرة، فإن قيل: كيف يجوز إدغامها، وأنت إذا أدغمتها سكنت وقبلها "الألف" الساكنة التي في "لا" فتجمع ما بين ساكنين؟ قلت: "إن هذه "الألف" حرف لين". وقد يدغم بعد مثلها في الاتصال وفي غيره نحو: "يضرباني" [و]: (فلا تناجوا بالإثم والعدوان) وتدغم أيضا ومثله: (قل أتحاجونا في الله) أدغمت وقبلها واو ساكنة. وإن شئت لم تدغم هذا كله. وقد قرأ بعض القراء: (فبم تبشرون) أراد: (تبشرونني) فأذهب إحدى النونين استثقالا لاجتماعهما، كما قال: "ما أحسست منهم أحدا" فألقوا إحدى السينين استثقالا. فهذا أجدر أن يستثقل لأنهما جميعا متحركتان. قال الشاعر: [ عمرو بن معد يكرب ]:


                                                                                                                                                                                                                      (182) تراه كالثغام يعل مسكا يسوء الفاليات إذا فليني

                                                                                                                                                                                                                      فحذف النون الآخرة لأنها النون التي تزاد ليترك ما قبلها على حاله؛

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 255 ] وليست باسم. فأما الأولى فلا يجوز طرحها فإنها الاسم المضمر وقال أبو حية النميري :


                                                                                                                                                                                                                      (183) أبالموت الذي لا بد أني     ملاق - لا أباك - تخوفيني

                                                                                                                                                                                                                      فحذف النون. ولو قرئت: (فبم تبشرون) بتثقيل النون كان جيدا ولم أسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رءوس الآي نحو: (بل لما يذوقوا عذاب) يريد "عذابي". وأما قوله: (فظلتم تفكهون) فإنها إنما كسر أولها لأنه يقول: "ظللت" فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء :


                                                                                                                                                                                                                      (184) مسنا السماء فنلناها وطاء لهم     حتى رأوا أحدا يهوي وثهلانا

                                                                                                                                                                                                                      لأنها من "مسست" وقال بعضهم: (فظلتم) ترك الظاء على فتحتها وحذف إحدى اللامين، ومن قال هذا قال "مسنا السماء". وهذا الحرف ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 256 ] إلا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فأما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية