الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ؛ " أم " ؛ تدل على الإضراب والاستفهام معا؛ وهو إضراب انتقالي؛ يضرب بها عن الكلام قبله؛ وينتقل إلى استفهام جديد؛ ولا شك أنهم يعرفون أمانته وصدقه؛ واستقامة نفسه وخلقه وعقله وطبعه؛ ولا يتحول ذلك إلا إذا اضطرب كيانه العقلي والنفسي؛ وأصيب بجنون؛ والمعنى أيقولون به جنة؟! أي: أتحول عن طبيعته؛ وأصابه جنون؛ وهو يقول القول الحكيم؛ ويتصرف التصرف الحكيم؟! فلم يكن به جنون؛ بل زاد بالبعث عقلا وعلما؛ وإنما هو الكراهية للحق؛ ولذا قال: بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ؛ " بل " ؛ للإضراب عن كل ما سبق؛ فهم يعرفون إعجاز القرآن؛ وقد تحداهم أن يأتوا بمثله؛ فعجزوا؛ وإذا لم يتدبروا القول؛ فهو يقرعهم بالحجة؛ وهم يعرفون الأمانة عنده؛ وهم لا يقولون صادقين: إنه مجنون؛ ليس هذا؛ ولا شيء منه؛ ولكن الحق ثقل عليهم؛ وقد جاء به ليبطل عبادة الأوثان وتحريمهم [ ص: 5095 ] ما أحل الله؛ وأكثر أهل مكة كارهون للحق: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ؛ وإن هو إلا الهوى؛ سيطر عليهم؛ واتخذوا إلههم هواهم; ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية