الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير

                                                                                                                                                                                                                                      وأصحاب مدين أي : رسلهم ممن ذكر ومن لم يذكر ، وإنما حذف لكمال ظهور المراد ، أو لأن المراد نفس الفعل ، أي : فعلت التكذيب قوم نوح إلى آخره .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذب موسى غير النظم الكريم بذكر المفعول وبناء الفعل له لا لأن قومه بنو إسرائيل - وهم لم يكذبوه - وإنما كذبه القبط ، لما أن ذلك إنما يقتضي عدم ذكرهم بعنوان كونهم قوم موسى لا بعنوان آخر على أن بني إسرائيل أيضا قد كذبوه مرة بعد أخرى حسبما ينطق به قوله تعالى : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحو ذلك من الآيات الكريمة ، بل للإيذان بأن تكذيبهم له كان في غاية الشناعة لكون آياته في كمال الوضوح .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فأمليت للكافرين أي : أمهلتهم حتى انصرمت حبال آجالهم ، والفاء لترتيب إمهال كل فريق من فرق المكذبين على تكذيب ذلك الفريق لا لترتيب إمهال الكل على تكذيب الكل ، ووضع الظاهر موضع الضمير العائد إلى المكذبين لذمهم بالكفر والتصريح بمكذبي موسى عليه السلام حيث لم يذكروا فيما قبل صريحا . ثم أخذتهم أي : أخذت كل فريق من فرق المكذبين بعد انقضاء مدة إملائه وإمهاله .

                                                                                                                                                                                                                                      فكيف كان نكير أي : إنكاري عليهم بالإهلاك ، أي : فكان ذلك في غاية ما يكون من الهول والفظاعة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية