الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير

                                                                                                                                                                                                                                      ألا يرى إلى قوله تعالى : وكأين من قرية إلخ فإنه كما سلف من قوله تعالى : "فأمليت للكافرين ثم أخذتهم" صريح في أن المراد : هو الأخذ العاجل الشديد بعد الإملاء المديد ، أي : وكم من أهل قرية فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الإعراب ورجع الضمائر والأحكام مبالغة في التعميم والتهويل . أمليت لها كما أمليت لهؤلاء حتى أنكروا مجيء ما وعدوا من العذاب واستعجلوا به استهزاء برسلهم كما فعل هؤلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وهي ظالمة جملة حالية مفيدة لكمال حلمه تعالى ومشعرة بطريق التعريض بظلم المستعجلين ، أي : أمليت لها ، والحال أنها ظالمة مستوجبة لتعجيل العقوبة كدأب هؤلاء . ثم أخذتها بالعذاب والنكال بعد طول الإملاء والإمهال .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : وإلي المصير اعتراض تذييلي مقرر لما قبله ومصرح بما أفاده ذلك بطريق التعريض من أن مآل أمر المستعجلين أيضا ما ذكر من الأخذ الوبيل ، أي : إلى حكمي مرجع الكل جميعا لا إلى أحد غيري لا استقلالا ولا شركة فأفعل بهم ما أفعل مما يليق بأعمالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية