الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أوس ]

                                                          أوس : الأوس : العطية . أست القوم أءوسهم أوسا إذا أعطيتهم ، وكذلك إذا عوضتهم من شيء . والأوس : العوض . أسته أءوسه أوسا : عضته أعوضه عوضا ; قال الجعدي :

                                                          [ ص: 192 ]

                                                          لبست أناسا فأفنيتهم وأفنيت بعد أناس أناسا     ثلاثة أهلين أفنيتهم
                                                          وكان الإله هو المستآسا



                                                          أي المستعاض . وفي حديث قيلة : رب أسني لما أمضيت أي عوضني . والأوس : العوض والعطية ، ويروى : رب أثبني ، من الثواب . واستآسني فأسته : طلب إلي العوض . واستآسه أي استعاضه . والإياس : العوض . وإياس : اسم رجل ، منه . وأساه أوسا : كآساه ; قال المؤرج : ما يواسيه ما يصيبه بخير ، من قول العرب : أس فلانا بخير أي أصبه ، وقيل : ما يواسيه من مودته ولا قرابته شيئا مأخوذ من الأوس ، وهو العوض . قال : وكان في الأصل ما يواوسه فقدموا السين ، وهي لام الفعل ، وأخروا الواو ، وهي عين الفعل ، فصار يواسوه ، فصارت الواو ياء لتحريكها ولانكسار ما قبلها ، وهذا من المقلوب ، ويجوز أن يكون من أسوت الجرح ، وهو مذكور في موضعه . والأوس : الذئب ، وبه سمي الرجل . ابن سيده : وأوس الذئب معرفة ; قال :


                                                          لما لقينا بالفلاة أوسا     لم أدع إلا أسهما وقوسا
                                                          وما عدمت جرأة وكيسا     ولو دعوت عامرا وعبسا
                                                          أصبت فيهم نجدة وأنسا



                                                          أبو عبيد : يقال للذئب : هذا أوس عاديا ; وأنشد :


                                                          كما خامرت في حضنها أم عامر     لدى الحبل حتى غال أوس عيالها



                                                          يعني أكل جراءها . وأويس : اسم الذئب ، جاء مصغرا مثل الكميت واللجين ، قال الهذلي :


                                                          يا ليت شعري عنك والأمر أمم     ما فعل اليوم أويس في الغنم ؟



                                                          قال ابن سيده : وأويس حقروه متفئلين أنهم يقدرون عليه ; وقول أسماء بن خارجة :


                                                          في كل يوم من ذؤاله     ضغث يزيد على إباله
                                                          فلأحشأنك مشقصا     أوسا أويس من الهباله



                                                          الهبالة : اسم ناقته . وأويس : تصغير أوس ، وهو الذئب . وأوسا : هو موضع الشاهد خاطب بهذا الذئب ، وقيل : افترس له شاة فقال : لأضعن في حشاك مشقصا عوضا يا أويس من غنيمتك التي غنمتها من غنمي . قال ابن سيده : أوسا أي عوضا ، قال : ولا يجوز أن يعني الذئب ، وهو يخاطبه لأن المضمر المخاطب لا يجوز أن يبدل منه شيء ، لأنه لا يلبس مع أنه لو كان بدلا لم يكن من متعلق ، وإنما ينتصب أوسا على المصدر بفعل دل عليه أو بلأحشأنك كأنه قال أوسا . وأما قوله أويس فنداء ، أراد يا أويس يخاطب الذئب ، وهو اسم له مصغرا كما أنه اسم له مكبرا ، فأما ما يتعلق به من الهبالة فإن شئت علقته بنفس أوسا ، ولم تعتد بالنداء فاصلا لكثرته في الكلام وكونه معترضا به للتأكيد ، كقوله :


                                                          يا عمر الخير ، رزقت الجنه !     أكس بنياتي وأمهنه
                                                          أو يا أبا حفص لأمضينه



                                                          فاعترض بالنداء بين أو والفعل ، وإن شئت علقته بمحذوف يدل عليه أوسا ، فكأنه قال : أءوسك من الهبالة أي أعطيك من الهبالة ، وإن شئت جعلت حرف الجر هذا وصفا لأوسا فعلقته بمحذوف وضمنته ضمير الموصوف . وأوس : قبيلة من اليمن ، واشتقاقه من آس يئوس أوسا ، والاسم : الإياس ، وهو من العوض ، وهو أوس بن قيلة أخو الخزرج ، منهما الأنصار وقيلة أمهما . ابن سيده : والأوس من أنصار النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقال لأبيهم الأوس ، فكأنك إذا قلت الأوس وأنت تعني تلك القبيلة إنما تريد الأوسيين . وأوس اللات : رجل منهم أعقب فله عداد يقال لهم أوس الله محول عن اللات . قال ثعلب : إنما قل عدد الأوس في بدر وأحد وكثرتهم الخزرج فيهما لتخلف أوس الله عن الإسلام . قال : وحدث سليمان بن سالم الأنصاري ، قال : تخلف عن الإسلام أوس الله فجاءت الخزرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ائذن لنا في أصحابنا هؤلاء الذين تخلفوا عن الإسلام ، فقالت الأوس لأوس الله : إن الخزرج تريد أن تأثر منكم يوم بغاث ، وقد استأذنوا فيكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا قبل أن يأذن لهم فيكم ; فأسلموا ، وهم أمية وخطمة ووائل . أما تسميتهم الرجل أوسا فإنه يحتمل أمرين : أحدهما أن يكون مصدر أسته أي أعطيته كما سموه عطاء وعطية ، والآخر أن يكون سمي به كما سموه ذئبا وكنوه ب أبي ذؤيب . والآس : العسل ، وقيل : هو منه كالكعب من السمن ، وقيل : الآس أثر البعر ونحوه . أبو عمرو : الآس أن تمر النحل فيسقط منها نقط من العسل على الحجارة ، فيستدل بذلك عليها . والآس : البلح . والآس : ضرب من الرياحين . قال ابن دريد : الآس هذا المشموم أحسبه دخيلا غير أن العرب قد تكلمت به وجاء في الشعر الفصيح ; قال الهذلي :


                                                          بمشمخر به الظيان والآس



                                                          قال أبو حنيفة : الآس بأرض العرب كثير ينبت في السهل والجبل وخضرته دائمة أبدا ويسمو حتى يكون شجرا عظاما ، واحدته آسة ; قال : وفي دوام خضرته يقول رؤبة :


                                                          يخضر ما اخضر الألى والآس



                                                          التهذيب : الليث : الآس شجرة ورقها عطر . والآس : القبر . والآس : الصاحب . والآس : العسل . قال الأزهري : لا أعرف الآس بالوجوه الثلاثة من جهة تصح أو رواية عن ثقة ; وقد احتج الليث لها بشعر أحسبه مصنوعا :


                                                          بانت سليمى فالفؤاد آسي [ ص: 193 ]     أشكو كلوما ، ما لهن آسي
                                                          من أجل حوراء كغصن الآس     ريقتها كمثل طعم الآس

                                                          يعني العسل .


                                                          وما استأست بعدها من آسي     ويلي فإني لاحق بالآس !

                                                          يعني القبر . التهذيب : والآس بقية الرماد بين الأثافي في الموقد ؛ قال :


                                                          فلم يبق إلا آل خيم منضد     وسفع على آس ، ونؤي معتلب

                                                          ، وقال الأصمعي : الآس آثار النار وما يعرف من علاماتها . وأوس : زجر العرب للمعز والبقر ، تقول : أوس أوس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية