الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قاعدة في العطف : هو ثلاثة أقسام :

عطف على اللفظ وهو الأصل ، وشرطه إمكان توجه العامل إلى المعطوف .

وعطف على المحل ، وله ثلاثة شروط :

أحدها : إمكان ظهور ذلك المحل في الصحيح ، فلا يجوز : مررت بزيد وعمرا ، لأنه لا يجوز مررت زيدا .

الثاني : أن يكون الموضع بحق الأصالة ، فلا يجوز : هذا الضارب زيدا وأخيه ; لأن الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته .

[ ص: 589 ] الثالث : وجود المحرز ، أي : الطالب لذلك المحل ، فلا يجوز : إن زيدا وعمرا قاعدان ; لأن الطالب لرفع عمرو هو الابتداء ، وهو قد زال بدخول ( إن ) .

وخالف في هذا الشرط الكسائي ، مستدلا بقوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون [ المائدة : 69 ] . الآية .

وأجيب بأن خبر ( إن ) فيها محذوف ، أي : مأجورون أو آمنون . ولا تختص مراعاة الموضع بأن يكون العامل في اللفظ زائدا . وقد أجاز الفارسي في قوله : وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة [ هود : 60 ] أن يكون ( يوم القيامة ) عطفا على محل هذه .

وعطف التوهم نحو : ( ليس زيد قائما ولا قاعد ) بالخفض ، على توهم دخول الباء في الخبر .

وشرط جوازه : صحة دخول ذلك العامل المتوهم ، وشرط حسنه كثرة دخوله هناك .

وقد وقع هذا العطف في المجرور في قول زهير :


بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئا إذا كان جائيا



وفي المجزوم في قراءة غير أبي عمرو لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن [ المنافقون : 10 ] خرجه الخليل وسيبويه على أنه عطف على التوهم ; لأن معنى ( لولا أخرتني فأصدق ) ومعنى ( أخرني أصدق ) واحد . وقراءة قنبل : ( إنه من يتق ويصبر ) [ يوسف : 90 ] خرجه الفارسي عليه ; لأن ( من ) الموصولة فيها معنى الشرط .

وفي المنصوب في قراءة حمزة وابن عامر : ومن وراء إسحاق يعقوب [ هود : 71 ] بفتح الباء ، لأنه على معنى : ( ووهبنا له إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) .

وقال بعضهم في قوله تعالى : وحفظا من كل شيطان [ الصافات : 7 ] : إنه عطف على معنى : إنا زينا السماء الدنيا [ الصافات : 6 ] . وهو : إنا خلقنا الكواكب في السماء الدنيا زينة للسماء .

وقال بعضهم في قراءة : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) [ القلم : 9 ] إنه على معنى ( أن تدهن ) .

وقيل : في قراءة حفص لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع [ غافر : 36 ] ، بالنصب : إنه عطف على معنى ( لعلي أن أبلغ ) ; لأن خبر ( لعل ) يقترن بأن كثيرا .

[ ص: 590 ] وقيل : في قوله تعالى : ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم [ الروم : 46 ] . إنه على تقدير : ( ليبشركم ويذيقكم ) .

تنبيه : ظن ابن مالك أن المراد بالتوهم الغلط ، وليس كذلك ، كما نبه عليه أبو حيان ، وابن هشام بل هو مقصد صواب ، والمراد : أنه عطف على المعنى أي : جوز العربي في ذهنه ملاحظة ذلك المعنى في المعطوف عليه ، فعطف ملاحظا له ، لا أنه غلط في ذلك ، ولهذا كان الأدب أن يقال في مثل ذلك في القرآن : إنه عطف على المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية