الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد

                                                                                                          1423 حدثنا محمد بن يحيى القطعي البصري حدثنا بشر بن عمر حدثنا همام عن قتادة عن الحسن البصري عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل قال وفي الباب عن عائشة قال أبو عيسى حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي من غير وجه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر بعضهم وعن الغلام حتى يحتلم ولا نعرف للحسن سماعا من علي بن أبي طالب وقد روي هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث ورواه الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي موقوفا ولم يرفعه والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم قال أبو عيسى قد كان الحسن في زمان علي وقد أدركه ولكنا لا نعرف له سماعا منه وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب [ ص: 570 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 570 ] قوله : ( عن الحسن ) هو البصري ( عن علي ) هو ابن أبي طالب رضي الله عنه ( رفع القلم ) كناية عن عدم التكليف ( عن ثلاثة ) قال السبكي : الذي وقع في جميع الروايات ثلاثة بالهاء ، وفي بعض كتب الفقهاء ثلاث بغير هاء ، ولم أر له أصلا قاله المناوي . ( عن النائم ) ولا يزال مرتفعا ( حتى يستيقظ ) من نومه وكذلك يقدر فيما بعده ( وعن الصبي حتى يشب ) وفي رواية حتى يحتلم ، وفي رواية : حتى يكبر ، وفي رواية : حتى يبلغ ، قال السبكي : ليس في رواية : حتى يكبر . من البيان ، ولا في قوله : حتى يبلغ . ما في هذه الرواية يعني : رواية : حتى يحتلم . فالتمسك بها لبيانها وصحة سندها أولى ( وعن المعتوه ) أي : المجنون ونحوه ( حتى يعقل ) أي : حتى يفيق من باب ضرب يضرب . قوله : ( وفي الباب عن عائشة ) أخرجه الدارمي ، وأخرجه ابن ماجه عن علي وعائشة رضي الله تعالى عنهما قوله : ( حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه ) أي : من هذا الإسناد [ ص: 571 ] المذكور والحديث أخرجه أبو داود ، وابن ماجه أيضا ( وقد روي من غير وجه عن علي ) أي : روي هذا الحديث عن علي من أسانيد عديدة ( وروى بعضهم وعن الغلام حتى يحتلم ) أي : مكان وعن الصبي حتى يشب ( ولا نعرف للحسن سماعا من علي بن أبي طالب ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب : سئل أبو زرعة هل سمع الحسن أحدا من البدريين ؟ قال : رآهم رؤية ، رأى عثمان وعليا . قيل : هل سمع منهما حديثا ؟ قال : لا ، رأى عليا بالمدينة ، وخرج علي إلى الكوفة والبصرة ولم يلقه الحسن بعد ذلك ، وقال الحسن : رأيت الزبير يبايع عليا ، وقال علي بن المديني لم ير عليا إلا أن كان بالمدينة ، وهو غلام . انتهى . فإن قلت قال النيموي اتصال الحسن بعلي ثابت بوجوه : فمنها ما ذكره البخاري في تاريخه الصغير في ترجمة سليمان بن سالم القرشي العطار سمع علي بن زيد عن الحسن رأى عليا والزبير التزما ، ورأى عثمان وعليا التزما ، ومنها ما أخرجه المزي في تهذيب الكمال بإسناده عن يونس بن عبيد ، قال : سألت الحسن قلت : يا أبا سعيد إنك تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنك لم تدركه ، قال : يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى ، وكان في عمل الحجاج كل شيء . سمعتني أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا ، ومنها ما أخرجه أبو يعلى في مسنده حدثنا حوثرة بن أشرس ، قال : أخبرنا عقبة بن أبي الصهباء الباهلي ، قال : سمعت الحسن يقول سمعت عليا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل أمتي مثل المطر الحديث ، قال السيوطي في إتحاف الفرقة بوصل الخرقة قال محمد بن الحسن الصيرفي شيخ شيوخنا هذا نص صريح في سماع الحسن من علي رضي الله عنه ، ورجاله ثقات ، حوثرة وثقه ابن حبان وعقبة وثقه أحمد ، وابن معين . قلت : أما ما ذكره البخاري ففي سنده علي بن زيد بن جدعان ، وهو ضعيف كما في التقريب ، وأما قول يونس بن عبيد فلينظر كيف إسناده ، وأما ما أخرجه أبو يعلى فالظاهر صحته . فإن كان خاليا عن علة خفية قادحة فلا شك أنه نص صريح في سماع الحسن من علي رضي الله عنه ، والله تعالى أعلم . ( وقد روي هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث ورواه عن الأعمش ) ليس في بعض النسخ لفظ عن ، وهو الصحيح ( عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي موقوفا ولم يرفعه ) [ ص: 572 ] قال البخاري في صحيحه : قال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاث ؟ عن المجنون حتى يفيق ، وعن الصبي حتى يدرك ، وعن النائم حتى يستيقظ ، قال الحافظ في الفتح : وصله البغوي في الجعديات عن علي بن الجعد عن شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس أن عمر أتي بمجنونة قد زنت ، وهي حبلى فأراد أن يرجمها فقال له علي : أما بلغك أن القلم قد رفع عن ثلاثة ؟ فذكره وتابعه ابن نمير ووكيع وغير واحد عن الأعمش ورواه جرير بن حازم عن الأعمش فصرح فيه بالرفع ، أخرجه أبو داود ، وابن حبان من طريقه ، وأخرجه النسائي من وجهين آخرين عن أبي ظبيان مرفوعا وموقوفا . لكن لم يذكر فيهما ابن عباس جعله عن أبي ظبيان عن علي ورجح الموقوف على المرفوع . انتهى . قوله : ( والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم ) قال الحافظ في الفتح : وأخذ بمقتضى هذا الحديث الجمهور لكن اختلفوا في إيقاع طلاق الصبي ; فعن ابن المسيب والحسن يلزمه إذا عقل وميز وحده وعند أحمد أن يطيق الصيام ، ويحصي الصلاة وعند عطاء إذا بلغ اثنتي عشرة سنة ، وعن مالك رواية إذا ناهز الاحتلام . انتهى . قلت : وحديث الباب ظاهر فيما ترجم له الترمذي . قوله : ( وأبو ظبيان ) بفتح المعجمة وسكون الموحدة ( اسمه حصين بن جندب ) ابن الحارث الجنبي بفتح الجيم وسكون النون ، ثم موحدة الكوفي ، ثقة من الثانية .




                                                                                                          الخدمات العلمية