الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخلاف في طلاق المختلعة

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس في المختلعة فقال إذا طلقت في العدة لحقها الطلاق فسألته هل يروي في قوله خبرا ؟ فذكر حديثا لا تقوم بمثله حجة عندنا ولا عنده فقلت هذا عندنا وعندك غير ثابت قال فقد قال بعض التابعين عندك لا يقوم به حجة لو لم يخالفهم غيرهم قال فما حجتك في أن الطلاق لا يلزمها ؟ قلت حجتي فيه من القرآن والأثر والإجماع على ما يدل على أن الطلاق لا يلزمها قال وأين الحجة من القرآن ؟ قلت قال الله تعالى { والذين يرمون أزواجهم } إلى [ ص: 124 ] آخر الآيتين وقال الله تبارك وتعالى { للذين يؤلون من نسائهم } الآية وقال { والذين يظاهرون منكم من نسائهم } الآية وقال { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } وقال عز وجل { ولهن الربع مما تركتم } أفرأيت لو قذفها أيلاعنها ؟ أو آلى منها أيلزمه الإيلاء ؟ أو تظاهر منها أيلزمه الظهار أو ماتت أيرثها أو مات أترثه ؟ قال لا قلت ألا إن أحكام الله تبارك وتعالى هذه الخمسة تدل على أنها ليست بزوجة ؟ قال نعم قلت وحكم الله أنه إنما تطلق الزوجة لأن الله تبارك وتعالى قال { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } قال نعم فقلت له كتاب الله إذا كان كما زعمنا وزعمت يدل على أنها ليست بزوجة وهي خلاف قولكم أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها قالا لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك وأنت تزعم أنك لا تخالف واحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا إلى قول مثله فخالفت ابن عباس وابن الزبير معا وآيات من كتاب الله تعالى ما أدري لعل أحدا لو قال مثل قولك هذا لقلت له ما يحل لك أن تتكلم في العلم وأنت تجهل أحكام الله ثم قلت فيها قولا لو تخاطأت فقلته كنت قد أحسنت الخطأ وأنت تنسب نفسك إلى النظر قال وما هذا القول ؟ قلت زعمت أنه إن قال للمختلعة أنت بتة وبرية وخلية ينوي الطلاق لم يلزمها الطلاق وهذا يلزم الزوجة وأنه إن آلى منها أو تظاهر أو قذفها لم يلزمها ما يلزم الزوجة وأنه إن قال كل امرأة له طالق ولا ينويها ولا غيرها طلق نساؤه ولم تطلق هي لأنها ليست بامرأة له ثم قلت وإن قال لها أنت طالق طلقت فكيف يطلق غير امرأته .

التالي السابق


الخدمات العلمية