الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم

                                                                                                                                                                                                                                        فيها يفرق كل أمر حكيم فإن كونها مفرق الأمور المحكمة أو الملتبسة بالحكمة يستدعي أن ينزل فيها القرآن الذي هو من عظائمها، ويجوز أن يكون صفة ليلة مباركة وما بينهما اعتراض، وهو يدل على أن الليلة ليلة القدر لأنه صفتها لقوله: تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر وقرئ «يفرق» بالتشديد و «يفرق كل» أي يفرقه الله، و «نفرق» بالنون.

                                                                                                                                                                                                                                        أمرا من عندنا أي أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا، وهو مزيد تفخيم للأمر ويجوز أن يكون حالا من ( كل ) أو أمر، أو ضميره المستكن في حكيم لأنه موصوف، وأن يكون المراد به مقابل النهي وقع مصدرا ل يفرق أو لفعله مضمرا من حيث إن الفرق به، أو حالا من أحد ضميري أنزلناه بمعنى آمرين أو مأمورا. إنا كنا مرسلين

                                                                                                                                                                                                                                        رحمة من ربك بدل من إنا كنا منذرين أي أنزلنا القرآن لأن من عادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى العباد لأجل الرحمة عليهم، وضع الرب موضع الضمير للإشعار بأن الربوبية اقتضت ذلك، فإنه أعظم أنواع التربية أو علة لـ يفرق أو أمرا، ورحمة مفعول به أي يفصل فيها كل أمر أو تصدر الأوامر من عندنا لأن من شأننا أن نرسل رحمتنا، فإن فصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها وصدور الأوامر الإلهية من باب الرحمة، وقرئ «رحمة» على تلك رحمة. إنه هو السميع العليم يسمع أقوال العباد ويعلم أحوالهم، وهو بما بعده تحقيق لربوبيته فإنها لا تحق إلا لمن هذه صفاته.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية