الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وأصحاب اليمين الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، والبيهقي في «البعث» من طريق خصيف، عن عطاء ، ومجاهد قالا : لما سأل أهل الطائف الوادي يحمى لهم، وفيه عسل، ففعل، وهو واد معجب، فسمعوا الناس يقولون : في الجنة كذا [ ص: 190 ] وكذا، قالوا : يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي، فأنزل الله : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في «البعث» من وجه آخر، عن مجاهد قال : كانوا يعجبون بوج وظلاله، من طلحه وسدره، فأنزل الله : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فقبض بيديه قبضتين فقال : «هذه في الجنة ولا أبالي، وهذه في النار ولا أبالي» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في «البعث» عن أبي أمامة قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : إن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابي يوما فقال : يا رسول الله، لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «وما هي»؟ قال : السدر؛ فإن لها شوكا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أليس الله يقول : [ ص: 191 ] في سدر مخضود يخضد الله شوكه، فيجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها تنبت ثمرا، تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من الطعام، ما فيها لون يشبه الآخر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي داود في «البعث» والطبراني ، وأبو نعيم في «الحلية»، وابن مردويه ، عن عتبة بن عبد السلمي قال : كنت جالسا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي فقال : يا رسول، أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها - يعني الطلح - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصية التيس الملبود» - يعني الخصي منها - «فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لون آخر» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : في سدر مخضود قال : خضده : وقره من الحمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، من طرق، عن ابن عباس : [ ص: 192 ] في سدر مخضود قال : المخضود الذي لا شوك فيه

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس قال : المخضود : الموقر الذي لا شوك فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة ، وعكرمة، والضحاك ، والحسن ، مثله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قسامة بن زهير في قوله : سدر مخضود قال : خضد من الشوك، فلا شوك فيه، وفي قوله : وطلح منضود قال : الموز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن يزيد الرقاشي : سدر مخضود قال : نبقها أعظم من القلال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي في «مسائله» عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : في سدر مخضود قال : الذي ليس له شوك، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت :


                                                                                                                                                                                                                                      إن الحدائق في الجنان ظليلة فيها الكواعب سدرها مخضود



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وهناد، وعبد بن حميد ، وابن جرير [ ص: 193 ] وابن مردويه ، عن علي بن أبي طالب في قوله : وطلح منضود قال : هو الموز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وهناد، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، من طرق، عن ابن عباس : وطلح منضود قال : الموز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن أبي هريرة : وطلح منضود قال : الموز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي سعيد الخدري : وطلح منضود قال : الموز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن ، وقتادة ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن علي بن أبي طالب أنه قرأ : " وطلع منضود " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن الأنباري في «المصاحف» عن قيس بن عباد قال : قرأت على علي وطلح منضود فقال علي : ما بال الطلح؟! أما تقرأ [ ص: 194 ] (وطلع) ثم قال : لها طلع نضيد [ق : 10] فقيل له : يا أمير المؤمنين : أنحكها من المصحف؟ فقال : لا يهاج القرآن اليوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : منضود قال : بعضه على بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في «البعث» عن مجاهد في قوله : في سدر مخضود قال : الموقر حملا، وطلح منضود يعني الموز المتراكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وقاع الجنة ذهب، ورضراضها اللؤلؤ، وطينها مسك، وترابها الزعفران، وخلال ذلك سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وهناد، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن ماجه، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن [ ص: 195 ] مردويه، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، اقرءوا إن شئتم : وظل ممدود » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبخاري ، والترمذي وصححه، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وإن شئتم فاقرءوا : وظل ممدود وماء مسكوب » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وذاك الظل الممدود» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : الظل الممدود : شجرة في الجنة على ساق، ظلها قدر ما يسير الراكب في كل نواحيها مائة [ ص: 196 ] عام فيخرج إليها أهل الجنة، أهل الغرف وغيرهم، فيتحدثون في ظلها، فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا، فيرسل الله ريحا من الجنة، فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن ابن عباس قال : في الجنة شجر لا يحمل، يستظل به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عمرو بن ميمون : وظل ممدود قال : مسيرة سبعين ألف سنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج : وماء مسكوب قال : جار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد، وابن المنذر ، عن ابن عباس قال : سعف نخل الجنة منها مقطعاتهم وكسوتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد، وابن المنذر ، عن عبد الله بن عمرو قال : عناقيد الجنة ما بينك وبين صنعاء، وهو بالشام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية