الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فصل التكبير مشروع في الأماكن العالية وحال ارتفاع العبد وحيث يقصد الإعلان كالتكبير في الأذان والتكبير في الأعياد والتكبير إذا علا شرفا والتكبير إذا رقي الصفا والمروة والتكبير إذا ركب الدابة والتسبيح في الأماكن المنخفضة وحيث ما نزل العبد . كما في السنن عن جابر قال : { كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا علونا كبرنا وإذا هبطنا سبحنا فوضعت الصلاة على ذلك } .

                [ ص: 398 ] والحمد مفتاح كل أمر ذي بال : من مناجاة الرب ومخاطبة العباد بعضهم بعضا والشهادة مقرونة بالحمد وبالتكبير فهي في الأذان وفي الخطب خاتمة الثناء فتذكر بعد التكبير ثم يخاطب الناس بقول المؤذن : حي على الصلاة حي على الفلاح وتذكر في الخطب ثم يخاطب الناس بقول : أما بعد وتذكر في التشهد ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فالحمد والتوحيد مقدم في خطاب الخلق للخالق والحمد له الابتداء .

                فإن الله لما خلق آدم عليه السلام أول ما أنطقه بالحمد فإنه عطس وقال : الحمد لله رب العالمين فقال الله : يرحمك ربك وكان أول ما نطق به الحمد وأول ما سمع من الله الرحمة وبه افتتح الله أم القرآن والتشهد هو الخاتمة . فأول الفاتحة { الحمد لله } وآخر ما للرب { إياك نعبد } .

                وكذلك التشهد . والخطب فيها التشهد بعد الفاتحة . فأن يتضمن إلهية الرب وهو أن يكون الرب هو المعبود هذا هو الغاية التي ينتهي إليها أعمال العباد و { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } لكن قدم الحمد ; لأن الحمد يكون من الله ويكون من الخلق . وهو باق في الجنة : فآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين بخلاف العبادة . فإن العبادة إنما تكون في الدنيا بالسجود ونحوه وتوحيده وذكره باق في الجنة يلهمه أهل الجنة كما يلهمهم النفس .

                [ ص: 399 ] وهذه الأذكار هي من جنس الأقوال ليست من العبادات العملية كالسجود والقيام والإحرام والرب تعالى يحمد نفسه ولا يعبد نفسه فالحمد أوسع العلوم الإلهية والحمد يفتح به ويختم به . فالسنة لمن أكل وشرب أن يحمد الله وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها } وقال تعالى : { وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين } وقال تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } وقال : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية