الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 91 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ( 35 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ثم بدا للعزيز ، زوج المرأة التي راودت يوسف عن نفسه .

وقيل : " بدا لهم " ، ، وهو واحد ، لأنه لم يذكر باسمه ويقصد بعينه ، وذلك نظير قوله : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) ، [ سورة آل عمران : 173 ] ، وقيل : إن قائل ذلك كان واحدا .

وقيل : معنى قوله : ( ثم بدا لهم ) في الرأي الذي كانوا رأوه من ترك يوسف مطلقا ، ورأوا أن يسجنوه ( من بعد ما رأوا الآيات ) ببراءته مما قذفته به امرأة العزيز .

وتلك " الآيات " ، كانت قد القميص من دبر ، وخمشا في الوجه ، وقطع أيديهن ، كما : -

19253 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن نصر بن عوف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : كان من الآيات : قد في القميص ، وخمش في الوجه .

19254 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وابن نمير ، عن [ نصر ] ، عن عكرمة ، مثله .

[ ص: 92 ] 19255 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : قد القميص من دبر .

19256 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : قد القميص من دبر .

19257 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

19258 - . . . . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19259 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : " الآيات : " حزهن أيديهن ، وقد القميص .

19260 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : قد القميص من دبر .

19261 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه ) ، ببراءته مما اتهم به ، من شق قميصه من دبر ( ليسجننه حتى حين ) .

19262 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : ( من بعد ما رأوا الآيات ) ، القميص ، وقطع الأيدي .

وقوله : ( ليسجننه حتى حين ) ، يقول : ليسجننه إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم . [ ص: 93 ]

وجعل الله ذلك الحبس ليوسف ، فيما ذكر ، عقوبة له من همه بالمرأة ، وكفارة لخطيئته .

19263 - حدثت عن يحيى بن أبي زائدة ، عن إسرائيل ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ليسجننه حتى حين ) ، عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن . وحين قال : ( اذكرني عند ربك ) ، فلبث في السجن بضع سنين ، وأنساه الشيطان ذكر ربه . وقال لهم : ( إنكم لسارقون ) ، فقالوا : ( إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) .

وذكر أن سبب حبسه في السجن ، كان شكوى امرأة العزيز إلى زوجها أمره وأمرها ، كما : -

19264 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) ، قال : قالت المرأة لزوجها : إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس ، يعتذر إليهم ، ويخبرهم أني راودته عن نفسه ، ولست أطيق أن أعتذر بعذري ، فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر ، وإما أن تحبسه كما حبستني . فذلك قول الله تعالى : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) .

وقد اختلف أهل العربية في وجه دخول هذه " اللام " في : ( ليسجننه ) .

فقال بعض البصريين : دخلت ههنا ، لأنه موضع يقع فيه " أي " ، فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه دخلته النون ، لأن النون تكون في الاستفهام ، تقول : " بدا لهم أيهم يأخذن " ، أي : استبان لهم .

وأنكر ذلك بعض أهل العربية فقال : هذا يمين ، وليس قوله : " هل تقومن " بيمين ، و " لتقومن " ، لا يكون إلا يمينا . [ ص: 94 ]

وقال بعض نحويي الكوفة : " بدا لهم " ، بمعنى : " القول " ، و " القول " يأتي بكل الكلام ، بالقسم وبالاستفهام ، فلذلك جاز : " بدا لهم قام زيد " ، و " بدا لهم ليقومن " .

وقيل : إن " الحين " في هذا الموضع معني به سبع سنين .

ذكر من قال ذلك :

19265 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن داود ، عن عكرمة : ( ليسجننه حتى حين ) ، قال : سبع سنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية