الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3257 ) فصل : وللمقرض المطالبة ببدله في الحال ; لأنه سبب يوجب رد المثل في المثليات ، فأوجبه حالا كالإتلاف . ولو أقرضه تفاريق ، ثم طالبه بها جملة ; فله ذلك ; لأن الجميع حال ، فأشبه ما لو باعه بيوعا حالة ، ثم طالبه بثمنها جملة . وإن أجل القرض ، لم يتأجل ، وكان حالا . وكل دين حل أجله ، لم يصر مؤجلا بتأجيله . وبهذا قال الحارث العكلي ، والأوزاعي ، وابن المنذر ، والشافعي ، وقال مالك والليث : يتأجل الجميع بالتأجيل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { المؤمنون عند شروطهم . }

                                                                                                                                            ولأن المتعاقدين يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة [ ص: 209 ] والإمضاء ; فملكا الزيادة فيه ، كخيار المجلس . وقال أبو حنيفة في القرض وبدل المتلف كقولنا ، وفي ثمن المبيع والأجرة والصداق وعوض الخلع كقولهما ; لأن الأجل يقتضي جزءا من العوض ، والقرض لا يحتمل الزيادة والنقص في عوضه ، وبدل المتلف الواجب فيه المثل من غير زيادة ولا نقص ; فلذلك لم يتأجل ، وبقية الأعواض يجوز الزيادة فيها ، فجاز تأجيلها .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الحق يثبت ، حالا ، والتأجيل تبرع منه ووعد ، فلا يلزم الوفاء به ، كما لو أعاره شيئا ، وهذا لا يقع عليه اسم الشرط ، ولو سمي ، فالخبر مخصوص بالعارية ، فيلحق به مما اختلفا فيه لأنه مثله ولنا ، على أبي حنيفة ، أنها زيادة بعد استقرار العقد ، فأشبه القرض ، وأما الإقالة : فهي فسخ ، وابتداء عقد آخر ، بخلاف مسألتنا ، وأما خيار المجلس ، فهو بمنزلة ابتداء العقد ، بدليل أنه يجزئ فيه القبض لما يشترط قبضه ، والتعين لما في الذمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية