وقوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=30428_30539_34131_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم خطاب لكفار مكة وتصريح بمآل أمرهم مع كونه معلوما مما سبق على وجه الإجمال مبالغة في الإنذار وإزاحة الأعذار ، فما عبارة عن أصنامهم ، والتعبير عنها بما على بابه لأنها على المشهور لما لا يعقل فلا يرد أن
عيسى وعزيرا والملائكة عليهم الصلاة والسلام
[ ص: 94 ] عبدوا من دون الله تعالى مع أن الحكم لا يشملهم وشاع
أن عبد الله بن الزبعري القرشي اعترض بذلك قبل إسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام : يا غلام ما أجهلك بلغة قومك لأني قلت ( وما تعبدون ) وما لما لم يعقل ولم أقل ومن تعبدون » .
وتعقبه
ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف بأنه أشهر على ألسنة كثير من علماء العجم وفي كتبهم وهو لا أصل له ولم يوجد في شيء من كتب الحديث مسندا ولا غير مسند والوضع عليه ظاهر والعجب ممن نقله من المحدثين انتهى ، ويشكل على ما قلنا ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في ناسخه
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
لما نزل nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون إلخ شق ذلك على أهل مكة وقالوا : أتشتم آلهتنا فقال ابن الزبعري : أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي عليه الصلاة والسلام فقال : يا محمد هذا شيء لآلهتنا خاصة أم لكل من عبد من دون الله تعالى ؟ قال : بل لكل من عبد من دون الله تعالى فقال ابن الزبعري : خصمت ورب هذه البنية . يعني
الكعبة . ألست تزعم يا
محمد أن
عيسى عبد صالح وأن عزيرا عبد صالح وأن الملائكة صالحون ؟ قال : بلى قال : فهذه النصارى تعبد
عيسى وهذه اليهود تعبد عزيرا وهذه
بنو مليح تعبد الملائكة فضج أهل
مكة وفرحوا فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى إلخ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون [الزخرف : 57] إلخ ، وجاء في روايات أخر ما يعضده فإن ظاهر ذلك أن ما هنا شامل للعقلاء وغيرهم . وأجيب بأن الشمول للعقلاء الذي ادعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بطريق دلالة النص بجامع الشركة في المعبودية من دون الله تعالى فلما أشار صلى الله عليه وسلم إلى عموم الآية بطريق الدلالة اعترض
ابن الزبعري بما اعترض وتوهم أنه قد بلغ الغرض فتولى الله تعالى الجواب بنفسه بقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية ، وحاصله تخصيص العموم المفهوم من دلالة النص بما سوى الصلحاء الذين سبقت لهم الحسنى فيبقى الشياطين الذين عبدوا من دون الله سبحانه داخلين في الحكم بحكم دلالة النص فيفيد النص بعد هذا التخصيص عبارة ودلالة حكم الأصنام والشياطين ويندفع الاعتراض ، وقال بعضهم : إن ما تعم العقلاء وغيرهم وهو مذهب جمهور أئمة اللغة كما قال العلامة الثاني في التلويح ودليل ذلك النص والإطلاق والمعنى ، أما النص فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وما خلق الذكر والأنثى [الليل : 3] وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5والسماء وما بناها [الشمس : 5] وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد [الكافرون : 3] وأما الإطلاق فمن وجهين ، الأول أن ما قد تطلق بمعنى الذي باتفاق أهل اللغة والذي يصح إطلاقه على من يعقل بدليل قولهم الذي جاء زيد فما كذلك ، الثاني أنه يصح أن يقال ما في داري من العبيد أحرار ، وأما المعنى فمن وجهين أيضا ، الأول أن مشركي
قريش كما جاء من عدة طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لما سمعوا هذه الآية اعترضوا
بعيسى وعزير والملائكة عليهم السلام . وهم من فصحاء العرب فلو لم يفهموا العموم لما اعترضوا ، الثاني أن ما لو كانت مختصة بغير العالم لما احتيج إلى قوله تعالى : ( من دون الله ) وحيث كانت بعمومها متناولة له عز وجل احتيج إلى التقييد بقوله سبحانه ( من دون الله ) وحينئذ تكون الآية شاملة عبادة لأولئك الكرام عليهم الصلاة والسلام ويكون الجواب الذي تولاه الله تعالى بنفسه جوابا بالتخصيص ، وفي ذلك حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في قوله بجواز تخصيص العام بكلام مستقل متراخ خلافا للحنفية . وأجيب بأن ما ذكر من النصوص والإطلاقات فغايته جواز إطلاق ما على من يعلم لا يلزم من ذلك
[ ص: 95 ] أن تكون ظاهرة فيه أو فيما يعمه بل هي ظاهرة في غير العالم لا سيما هنا لأن الخطاب مع عبدة الأصنام وإذا كانت ظاهرة فيما لا يعقل وجب تنزيلها عليه ، وما ذكر من الوجه الأول في المعنى فليس بنص في أن المعترضين إنما اعترضوا لفهمهم العموم من ما وضعا لجواز أن يكون ذلك لفهمهم إياه من دلالة النص كما مر ، وما ذكر من الوجه الثاني من عدم الاحتياج إلى قوله تعالى : ( من دون الله ) فإنما يصح أن لو لم تكن فيه فائدة ، وفائدته مع التأكيد تقبيح ما كانوا عليه ، وإن سلمنا أن ما حقيقة فيمن يعقل فلا نسلم أن بيان التخصيص لم يكن مقارنا للآية فإن دليل العقل صالح للتخصيص خلافا لطائفة شاذة من المتكلمين ، والعقل قد دل على امتناع تعذيب أحد بجرم صادر من غيره اللهم إلا أن يكون راضيا بجرم ذلك الغير ، وأحد من العقلاء لم يخطر بباله رضا
المسيح وعزير والملائكة عليهم السلام بعبادة من عبدهم وما مثل هذا الدليل العقلي فلا نسلم عدم مقارنته للآية ، وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية فإنما ورد تأكيدا بضم الدليل الشرعي إلى الدليل العقلي مع الاستغناء عن أصله أما أن يكون هو المستقل بالبيان فلا ، وعدم تعرضه صلى الله عليه وسلم للدليل العقلي لم يكن لأنه لم يكن بل لأنه عليه الصلاة والسلام لما رآهم لم يلتفتوا إليه وأعرضوا عنه فاعترضوا بما اعترضوا مع ظهوره انتظر ما يقويه من الدليل السمعي أو لأن الوحي سبقه عليه الصلاة والسلام فنزلت الآية قبل أن ينبههم على ذلك ، وقيل : إنهم تعنتوا بنوع من المجاز فنزل ما يدفعه ، وقيل : إن هذا خبر لا تكليف فيه والاختلاف في جواز تأخير البيان مخصوص بما فيه تكليف ، وفيه نظر ، وقال
العلامة ابن الكمال : لا خلاف بيننا وبين
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في قصر العام على بعض ما يتناوله بكلام مستقل متراخ إنما الخلاف في أنه تخصيص حتى يصير العام به ظنيا في الباقي أو نسخ حتى يبقى على ما كان فلا وجه للاحتجاج بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98وما تعبدون من دون الله لأن الثابت به على تقدير التمام قصر العام بالمتراخي والخلاف فيما وراءه والدليل قاصر عن بيانه ولا للجواب بأن تعبدون لا يتناول
عيسى وعزيرا والملائكة عليهم السلام لا لأن ما لغير العقلاء لما أنه على خلاف ما عليه الجمهور بل لأنهم ما عبدوا حقيقة على ما أفصح عنه صلى الله عليه وسلم حين قال
ابن الزبعري : أليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا
المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة بقوله صلى الله عليه وسلم : بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين الآية لدفع ذهاب الوهم إلى التناول لهم نظرا إلى الظاهر .
وجوابه صلى الله عليه وسلم بذلك مما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=15466والواحدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وفيه فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت الآية ، وعلى وفق هذا ورد جواب الملائكة عليهم السلام في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=41قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن [سبأ : 4 ، 41] والجمع بين هذه الرواية والرواية السابقة أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر
لابن الزبعري أن الآية عامة لكل من عبد من دون الله تعالى بطريق دلالة النص وقال
ابن الزبعري : أليس اليهود إلخ ذكر عدم تناولها المذكورين عليهم السلام من حيث إنهم لم يشاركوا الأصنام في المعبودية من دون الله تعالى لعدم أمرهم ولا رضاهم بما كان الكفرة يفعلون ، ولعل فيه رمزا خفيا إلى الدليل العقلي على عدم مؤاخذتهم ثم نزلت الآية تأكيدا لعدم التناول ، لكن لا يخفى أن هذه الرواية إن صحت تقتضي أن لا تكون الأصنام معبودة أيضا لأنها لم تأمرهم بالعبادة فلا تكون ما مطلقة عليها بل على الشياطين بناء على أنها هي الآمرة الراضية بذلك فهي معبوداتهم ، ولذا قال
إبراهيم عليه السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان [مريم : 44] مع أنه كان يعبد الأصنام ظاهرا .
[ ص: 96 ] ووجه إطلاقها عليها بناء على أنها ليست لذوي العقول أنها أجريت مجرى الجمادات لكفرها ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم التي أمرتهم دون الذين أمروهم إشارة إلى ذلك ، ثم في عدم تناول الآية الأصنام هنا من البعد ما فيه فلعل هذه الرواية لم تثبت ،
ولمولانا أبي السعود كلام مبناه خبر أنه صلى الله عليه وسلم رد على
ابن الزبعري بقوله ما أجهلك بلغة قومك إلخ ، وقد علمت ما قاله
الحافظ ابن حجر فيه وهو وأمثاله المعول عليهم في أمثال ذلك فلا ينبغي الاغترار بذكره في أحكام
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي وشرح المواقف وفصول البدائع
للفناري وغير ذلك مما لا يحصى كثرة فماء ولا كصداء ومرعى ولا كالسعدان . وأورد على القول بأن العموم بدلالة النص والتخصيص بما نزل بعد حديث الخلاف في التخصيص بالمستقل المتراخي ويعلم الجواب عنه مما تقدم ، وقيل هنا زيادة على ذلك إن ذلك ليس من تخصيص العام المختلف فيه لأن العام هناك هو اللفظ الواحد الدال على مسميين فصاعدا مطلقا معا وهو ظاهر فيما فيه الدلالة عبارة والعموم هنا إنما فهم من دلالة النص ، ولا يخفى أن الأمر المانع من التأخير ظاهر في عدم الفرق فتدبر فالمقام حري به ، والحصب ما يرمى به وتهيج به النار من حصبه إذا رماه بالحصباء وهي صغار الحجارة فهو خاص وضعا عام استعمالا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه الحطب بالزنجية . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهم (حطب ) بالطاء . وقرأ
ابن أبي السميقع nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ومحبوب nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم عن
ابن بشير (حصب ) بإسكان الصاد ، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وهو مصدر وصف به للمبالغة ، وفي رواية أخرى عنه أنه قرأ (حضب ) بالضاد المعجمة المفتوحة ، وجاء عنه أيضا إسكانها وبه قرأ
كثير عزة ، ومعنى الكل واحد وهو معنى الحصب بالصاد
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98أنتم لها واردون استئناف نحوي مؤكد لما قبله أو بدل من
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98حصب جهنم وتبدل الجملة من المفرد ولا يضر كونه في حكم النتيجة ، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء كون الجملة حالا من ( جهنم ) وهو كما ترى ، واللام معوضة من على للدلالة على الاختصاص وأن ورودهم لأجلها وهذا مبني على أن الأصل تعدى الورود إلى ذلك بعلى كما أشار إليه في القاموس بتفسيره بالإشراف على الماء وهو في الاستعمال كثير وإلا فقد قيل إنه متعد بنفسه كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=99وردوها فاللام للتقوية لكون المعمول مقدما والعامل فرعي ، وقيل إن اللام بمعنى إلى كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بأن ربك أوحى لها [الزلزلة: 5] وليس بذلك .
والظاهر أن الورود هنا ورود دخول والخطاب للكفرة وما يعبدون تغليبا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30428_30539_34131_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ خِطَابٌ لِكُفَّارِ مَكَّةَ وَتَصْرِيحٌ بِمَآلِ أَمْرِهِمْ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا مِمَّا سَبَقَ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ مُبَالَغَةً فِي الْإِنْذَارِ وَإِزَاحَةِ الْأَعْذَارِ ، فَمَا عِبَارَةُ عَنْ أَصْنَامِهِمْ ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا بِمَا عَلَى بَابِهِ لِأَنَّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا لَا يَعْقِلُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ
عِيسَى وَعُزَيْرًا وَالْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
[ ص: 94 ] عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَشْمَلُهُمْ وَشَاعَ
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزِّبْعَرِيِّ الْقُرَشِيَّ اعْتَرَضَ بِذَلِكَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : يَا غُلَامُ مَا أَجْهَلَكَ بِلُغَةِ قَوْمِكَ لِأَنِّي قُلْتُ ( وَمَا تَعْبُدُونَ ) وَمَا لِمَا لَمْ يَعْقِلْ وَلَمْ أَقُلْ وَمَنْ تَعْبُدُونَ » .
وَتَعَقَّبَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْكَشَّافِ بِأَنَّهُ أَشْهَرُ عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَجَمِ وَفِي كُتُبِهِمْ وَهُوَ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ مُسْنَدًا وَلَا غَيْرَ مُسْنَدٍ وَالْوَضْعُ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ نَقَلَهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ انْتَهَى ، وَيُشَكَّلُ عَلَى مَا قُلْنَا مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
لَمَّا نَزَلَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ إِلَخْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالُوا : أَتَشْتُمُ آلِهَتَنَا فَقَالَ ابْنُ الزِّبْعَرِيِّ : أَنَا أَخْصِمُ لَكُمْ مُحَمَّدًا ادْعُوهُ لِي فَدُعِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْءٌ لِآلِهَتِنَا خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى ؟ قَالَ : بَلْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ ابْنُ الزِّبْعَرِيِّ : خُصِمْتَ وَرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ . يَعْنِي
الْكَعْبَةَ . أَلَسْتَ تَزْعُمُ يَا
مُحَمَّدُ أَنَّ
عِيسَى عَبْدٌ صَالِحٌ وَأَنَّ عُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ صَالِحُونَ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : فَهَذِهِ النَّصَارَى تَعْبُدُ
عِيسَى وَهَذِهِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْرًا وَهَذِهِ
بَنُو مَلِيحٍ تَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ فَضَجَّ أَهْلُ
مَكَّةَ وَفَرِحُوا فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى إِلَخْ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [الزُّخْرُفَ : 57] إِلَخْ ، وَجَاءَ فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ مَا يُعَضِّدُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ أَنَّ مَا هُنَا شَامِلٌ لِلْعُقَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشُّمُولَ لِلْعُقَلَاءِ الَّذِي ادَّعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ بِجَامِعِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَعْبُودِيَّةِ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمُومِ الْآيَةِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ اعْتَرَضَ
ابْنُ الزِّبْعَرِيِّ بِمَا اعْتَرَضَ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ الْغَرَضَ فَتَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى الْجَوَابَ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى الْآيَةَ ، وَحَاصِلُهُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ دَلَالَةِ النَّصِّ بِمَا سِوَى الصُّلَحَاءِ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى فَيَبْقَى الشَّيَاطِينُ الَّذِينَ عُبِدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ دَاخِلِينَ فِي الْحُكْمِ بِحُكْمِ دَلَالَةِ النَّصِّ فَيُفِيدُ النَّصُّ بَعْدَ هَذَا التَّخْصِيصَ عِبَارَةَ وَدَلَالَةَ حُكْمِ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ وَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ مَا تَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الثَّانِي فِي التَّلْوِيحِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ النَّصُّ وَالْإِطْلَاقُ وَالْمَعْنَى ، أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [اللَّيْلَ : 3] وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا [الشَّمْسَ : 5] وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [الْكَافِرُونَ : 3] وَأَمَّا الْإِطْلَاقُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ ، الْأَوَّلُ أَنَّ مَا قَدْ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الَّذِي بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالَّذِي يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمُ الَّذِي جَاءَ زَيْدٌ فَمَا كَذَلِكَ ، الثَّانِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَا فِي دَارِي مِنَ الْعَبِيدِ أَحْرَارٌ ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمِنْ وَجْهَيْنِ أَيْضًا ، الْأَوَّلُ أَنَّ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ كَمَا جَاءَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الْآيَةَ اعْتَرَضُوا
بِعِيسَى وَعُزَيْرٍ وَالْمَلَائِكَةٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ . وَهُمْ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ فَلَوْ لَمْ يَفْهَمُوا الْعُمُومَ لَمَا اعْتَرَضُوا ، الثَّانِي أَنَّ مَا لَوْ كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِغَيْرِ الْعَالِمِ لَمَا احْتِيجَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) وَحَيْثُ كَانَتْ بِعُمُومِهَا مُتَنَاوِلَةً لَهُ عَزَّ وَجَلَّ احْتِيجَ إِلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْآيَةُ شَامِلَةً عِبَادَةً لِأُولَئِكَ الْكِرَامِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَيَكُونُ الْجَوَابُ الَّذِي تَوَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ جَوَابًا بِالتَّخْصِيصِ ، وَفِي ذَلِكَ حُجَّةٌ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ بِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ مُتَرَاخٍ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ النُّصُوصِ وَالْإِطْلَاقَاتِ فَغَايَتُهُ جَوَازُ إِطْلَاقِ مَا عَلَى مَنْ يَعْلَمُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ
[ ص: 95 ] أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً فِيهِ أَوْ فِيمَا يَعُمُّهُ بَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ لَا سِيَّمَا هُنَا لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً فِيمَا لَا يَعْقِلُ وَجَبَ تَنْزِيلُهَا عَلَيْهِ ، وَمَا ذُكِرَ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى فَلَيْسَ بِنَصٍّ فِي أَنَّ الْمُعْتَرِضِينَ إِنَّمَا اعْتَرَضُوا لِفَهْمِهِمُ الْعُمُومَ مِنْ مَا وَضْعًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِفَهْمِهِمْ إِيَّاهُ مِنْ دَلَالَةِ النَّصِّ كَمَا مَرَّ ، وَمَا ذُكِرَ مِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) فَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ ، وَفَائِدَتُهُ مَعَ التَّأْكِيدِ تَقْبِيحُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ مَا حَقِيقَةٌ فِيمَنْ يَعْقِلُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ التَّخْصِيصِ لَمْ يَكُنْ مُقَارِنًا لِلْآيَةِ فَإِنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ صَالِحٌ لِلتَّخْصِيصِ خِلَافًا لِطَائِفَةٍ شَاذَّةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَالْعَقْلُ قَدْ دَلَّ عَلَى امْتِنَاعِ تَعْذِيبٍ أَحَدٍ بِجُرْمٍ صَادِرٍ مِنْ غَيْرِهِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاضِيًا بِجُرْمِ ذَلِكَ الْغَيْرِ ، وَأَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ رِضَا
الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ وَالْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِعِبَادَةِ مَنْ عَبَدَهُمْ وَمَا مِثْلُ هَذَا الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ فَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ مُقَارَنَتِهِ لِلْآيَةِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى الْآيَةَ فَإِنَّمَا وَرَدَ تَأْكِيدًا بِضَمِّ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ إِلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَصْلِهِ أَمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُسْتَقِلُّ بِالْبَيَانِ فَلَا ، وَعَدَمُ تَعَرُّضِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَلْ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا رَآهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ وَأَعْرَضُوا عَنْهُ فَاعْتَرَضُوا بِمَا اعْتَرَضُوا مَعَ ظُهُورِهِ انْتَظَرَ مَا يُقَوِّيهِ مِنَ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ أَوْ لِأَنَّ الْوَحْيَ سَبَقَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ قَبْلَ أَنْ يُنَبِّهَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَقِيلَ : إِنَّهُمْ تَعَنَّتُوا بِنَوْعٍ مِنَ الْمَجَازِ فَنَزَلَ مَا يَدْفَعُهُ ، وَقِيلَ : إِنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا تَكْلِيفَ فِيهِ وَالِاخْتِلَافُ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مَخْصُوصٌ بِمَا فِيهِ تَكْلِيفٌ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَقَالَ
الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ : لَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ مُتَرَاخٍ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ تَخْصِيصٌ حَتَّى يَصِيرَ الْعَامُّ بِهِ ظَنِّيًّا فِي الْبَاقِي أَوْ نُسِخَ حَتَّى يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ فَلَا وَجْهَ لِلِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّمَامِ قَصْرُ الْعَامِّ بِالْمُتَرَاخِي وَالْخِلَافُ فِيمَا وَرَاءَهُ وَالدَّلِيلُ قَاصِرٌ عَنْ بَيَانِهِ وَلَا لِلْجَوَابِ بِأَنَّ تَعْبُدُونَ لَا يَتَنَاوَلُ
عِيسَى وَعُزَيْرًا وَالْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا لِأَنَّ مَا لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ لِمَا أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بَلْ لِأَنَّهُمْ مَا عُبِدُوا حَقِيقَةً عَلَى مَا أَفْصَحَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ
ابْنُ الزِّبْعَرِيِّ : أَلَيْسَ الْيَهُودُ عَبَدُوا عُزَيْرًا وَالنَّصَارَى عَبَدُوا
الْمَسِيحَ وَبَنُو مَلِيحٍ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ هُمْ عَبَدُوا الشَّيَاطِينَ الَّتِي أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ الْآيَةَ لِدَفْعِ ذَهَابِ الْوَهْمِ إِلَى التَّنَاوُلِ لَهُمْ نَظَرًا إِلَى الظَّاهِرِ .
وَجَوَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدُوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=15466وَالْوَاحِدِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَفِيهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ الْآيَةَ ، وَعَلَى وَفْقِ هَذَا وَرَدَ جَوَابُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=41قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ [سَبَأَ : 4 ، 41] وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ
لِابْنِ الزِّبْعَرِيِّ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ وَقَالَ
ابْنُ الزِّبْعَرِيِّ : أَلَيْسَ الْيَهُودُ إِلَخْ ذَكَرَ عَدَمَ تَنَاوُلِهَا الْمَذْكُورِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُوا الْأَصْنَامَ فِي الْمَعْبُودِيَّةِ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِ أَمْرِهِمْ وَلَا رِضَاهُمْ بِمَا كَانَ الْكَفَرَةُ يَفْعَلُونَ ، وَلَعَلَّ فِيهِ رَمْزًا خَفِيًّا إِلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ عَلَى عَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِمْ ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ تَأْكِيدًا لِعَدَمِ التَّنَاوُلِ ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِنْ صَحَّتْ تَقْتَضِي أَنْ لَا تَكُونَ الْأَصْنَامُ مَعْبُودَةً أَيْضًا لِأَنَّهَا لَمْ تَأْمُرْهُمْ بِالْعِبَادَةِ فَلَا تَكُونُ مَا مُطْلَقَةً عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الشَّيَاطِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْآمِرَةُ الرَّاضِيَةُ بِذَلِكَ فَهِيَ مَعْبُودَاتُهُمْ ، وَلِذَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ [مَرْيَمَ : 44] مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ظَاهِرًا .
[ ص: 96 ] وَوَجْهُ إِطْلَاقِهَا عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَوِي الْعُقُولِ أَنَّهَا أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْجَمَادَاتِ لِكُفْرِهَا ، وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَمَرَتْهُمْ دُونَ الَّذِينَ أَمَرُوهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ فِي عَدَمِ تَنَاوُلِ الْآيَةِ الْأَصْنَامَ هُنَا مِنَ الْبُعْدِ مَا فِيهِ فَلَعَلَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لَمْ تَثْبُتْ ،
وَلِمَوْلَانَا أَبِي السُّعُودِ كَلَامٌ مَبْنَاهُ خَبَرُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَى
ابْنِ الزِّبَعْرَيِّ بِقَوْلِهِ مَا أَجْهَلَكَ بِلُغَةِ قَوْمِكَ إِلَخْ ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَهُ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي الِاغْتِرَارُ بِذِكْرِهِ فِي أَحْكَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14552الْآمِدِيِّ وَشَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَفُصُولِ الْبَدَائِعِ
لِلْفَنَارَيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى كَثْرَةً فَمَاءٌ وَلَا كَصِدَاءٍ وَمَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ . وَأُورِدَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعُمُومَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَالتَّخْصِيصَ بِمَا نَزَلَ بَعْدَ حَدِيثِ الْخِلَافِ فِي التَّخْصِيصِ بِالْمُسْتَقِلِّ الْمُتَرَاخِي وَيُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ مِمَّا تَقَدَّمَ ، وَقِيلَ هُنَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَامَ هُنَاكَ هُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الدَّالُّ عَلَى مُسَمَّيَيْنِ فَصَاعِدًا مُطْلَقًا مَعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عِبَارَةً وَالْعُمُومُ هُنَا إِنَّمَا فُهِمَ مِنْ دَلَالَةِ النَّصِّ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمَانِعَ مِنَ التَّأْخِيرِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ فَتَدَبَّرْ فَالْمَقَامُ حَرِيٌّ بِهِ ، وَالْحَصَبُ مَا يُرْمَى بِهِ وَتُهَيَّجُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَصَبَهُ إِذَا رَمَاهُ بِالْحَصْبَاءِ وَهِيَ صِغَارُ الْحِجَارَةِ فَهُوَ خَاصٌّ وَضْعًا عَامٌّ اسْتِعْمَالًا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْحَطَبُ بِالزِّنْجِيَّةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيُّ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16414وَابْنُ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (حَطَبُ ) بِالطَّاءِ . وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي السَّمَيْقَعِ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَمَحْبُوبٌ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَأَبُو حَاتِمٍ عَنِ
ابْنِ بَشِيرٍ (حَصْبُ ) بِإِسْكَانِ الصَّادِ ، وَرُوِيَتْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَهُوَ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ (حَضَبُ ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ ، وَجَاءَ عَنْهُ أَيْضًا إِسْكَانُهَا وَبِهِ قَرَأَ
كُثَيِّرُ عَزَّةَ ، وَمَعْنَى الْكُلِّ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعْنَى الْحَصَبِ بِالصَّادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ اسْتِئْنَافٌ نَحْوِيٌّ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ بَدَلٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98حَصَبُ جَهَنَّمَ وَتُبْدَلُ الْجُمْلَةُ مِنَ الْمُفْرَدِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ فِي حُكْمِ النَّتِيجَةِ ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ كَوْنَ الْجُمْلَةِ حَالًا مِنْ ( جَهَنَّمَ ) وَهُوَ كَمَا تَرَى ، وَاللَّامُ مُعَوَّضَةٌ مِنْ عَلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّ وُرُودَهُمْ لِأَجْلِهَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ تَعَدَّى الْوُرُودَ إِلَى ذَلِكَ بِعَلَى كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْقَامُوسِ بِتَفْسِيرِهِ بِالْإِشْرَافِ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرٌ وَإِلَّا فَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=99وَرَدُوهَا فَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ لِكَوْنِ الْمَعْمُولِ مُقَدَّمًا وَالْعَامِلُ فَرْعِيٌّ ، وَقِيلَ إِنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى إِلَى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [الزَّلْزَلَةَ: 5] وَلَيْسَ بِذَلِكَ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوُرُودَ هُنَا وُرُودُ دُخُولٍ وَالْخِطَابُ لِلْكَفَرَةِ وَمَا يَعْبُدُونَ تَغْلِيبًا