الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3262 ) فصل : ويجوز قرض الخبز . ورخص فيه أبو قلابة ومالك . ومنع منه أبو حنيفة . ولنا ، أنه موزون ، فجاز قرضه ، كسائر الموزونات . وإذا أقرضه بالوزن ، ورد مثله بالوزن ، جاز . وإن أخذه عددا ، فرده عددا ، فقال الشريف أبو جعفر : فيه روايتان ; إحداهما ، لا يجوز ; لأنه موزون ، أشبه سائر الموزونات .

                                                                                                                                            والثانية ، يجوز . قال ابن أبي موسى : إذا كان يتحرى أن يكون مثلا بمثل ، فلا يحتاج إلى الوزن ، والوزن أحب إلي . ووجه الجواز ، ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : { قلت : يا رسول الله ، إن الجيران يستقرضون الخبز والخمير ، ويردون زيادة ونقصانا . فقال : لا بأس ، إن ذلك من مرافق الناس ، لا يراد به الفضل } . ذكره أبو بكر في " الشافي " بإسناده . وفيه [ ص: 211 ] أيضا ، بإسناده عن معاذ بن جبل ، { أنه سئل عن استقراض الخبز والخمير ، فقال : سبحان الله ، إنما هذا من مكارم الأخلاق ، فخذ الكبير وأعط الصغير ، وخذ الصغير وأعط الكبير ، خيركم أحسنكم قضاء . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك } . ولأن هذا مما تدعو الحاجة إليه ، ويشق اعتبار الوزن فيه ، وتدخله المسامحة ، فجاز ، كدخول الحمام من غير تقدير أجرة ، والركوب في سفينة الملاح ، وأشباه هذا .

                                                                                                                                            فإن شرط أن يعطيه أكثر مما أقرضه أو أجود ، أو أعطاه مثل ما أخذ وزاده كسرة ، كان ذلك حراما . وكذلك إن أقرضه صغيرا ، قصد أن يعطيه كبيرا ; لأن الأصل تحريم ذلك ، وإنما أبيح لمشقة إمكان التحرز منه ، فإذا قصد أو شرط أو أفردت الزيادة ، فقد أمكن التحرز منه ، فحرم بحكم الأصل ، كما لو فعل ذلك في غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية