الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1526 [ ص: 370 ] 56 - باب: استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثا

                                                                                                                                                                                                                              1603 - حدثنا أصبغ بن الفرج، أخبرني ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقدم مكة، إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع. [1604، 1616، 1617، 1644- مسلم: 1261 - فتح: 3 \ 470]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سالم عن أبيه: قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقدم مكة، إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أخرجه مسلم أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              ولا شك أن سنة الداخل إلى المسجد الحرام أن يبدأ بالحجر الأسود فيقبله إن قدر، فإن عجز أشار، ثم يمضي على يمينه إلى أن يأتي إليه، فهذه واحدة، ثم ثانية، ثم ثالثة كذلك بالرمل، والأربعة الأخيرة لا رمل فيها، ثم الخب - وهو الرمل - إنما يشرع في طواف يعقبه سعي كما سلف، ولا يتصور في طواف الوداع; لأن شرطه أن يكون طاف للإفاضة، فإن طاف للقدوم وعزمه السعي بعده رمل وإلا فلا، بل يرمل في طواف الإفاضة. وثم قول آخر أنه يرمل في طواف القدوم وإن لم يرد السعي بعده، وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه. وقال عطاء: لا رمل فيه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 371 ] فرع:

                                                                                                                                                                                                                              لو خالف وجعل البيت على يمينه لم يصح عندنا، وبه قال مالك وأبو ثور; لأنه خالف الاتباع .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة وأصحابه: يعيد الطواف ما كان بمكة، فإذا بلغ الكوفة وأبعد كان عليه دم ويجزئه، واحتجوا بأن الله تعالى لم يفرق بين طواف منكوس أو غيره، فوجب أن يجزئه .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              الخب: ضرب من العدو، يقال: خبت الدابة تخب خبا إذا أسرعت المشي وراوحت بين قدميها، وكذا الخيل، أما إذا رفعت يديها معا ووضعتهما معا فذلك التقريب لا الخب، وقيل: خب الفرس إذا نقل أيامنه وأياسره جميعا .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة ثانية:

                                                                                                                                                                                                                              الاستلام افتعال من السلام وهو: التحية كما قال الأزهري، أو من السلام -بكسر السين- وهي: الحجارة، كما قال ابن قتيبة، تقول: استلمت الحجر إذا لمسته. كما تقول; اكتحلت من الكحل، وحكى في "الجامع" أنه استفعل من اللأمة، وهي الدرع والسلاح; لأنه إذا لمس الحجر تحصن من العذاب كما يتحصن باللأمة من الأعداء.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 372 ] وقال ابن سيده : استلم الحجر واستلأمه -بالهمز -أي: قبله أو اعتنقه، وليس أصله الهمز، وبخط الدمياطي: الاستلام افتعال من السلام وهي الحجارة، وبضم السين: ظاهر عروق الكف.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية