الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد ذكر - سبحانه - أسوأ أحوالهم؛ وهي السخرية ممن يتضرعون إلى الله (تعالى)؛ فقال: إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ؛ وإن الله (تعالى) ليذكرهم بأعمالهم مع المؤمنين الذين كانوا يضرعون إلى الله (تعالى)؛ ويرجون رحمته؛ ويخافون عذابه؛ فيقول: إنه كان فريق من عبادي ؛ هذه الجملة في مقام التعليل لإبعاد المشركين وطردهم؛ ومنعهم من الكلام معه؛ أي أنه - سبحانه وتعالى - يعاملهم يوم القيامة بهذه المعاملة المبعدة الطاردة؛ جزاء وفاقا لما كانوا يعملونه مع المؤمنين؛ والفريق من عباده هم فريق المؤمنين الذين كانوا يؤمنون به وبرسله؛ ويضرعون إليه؛ يقولون: ربنا آمنا ؛ أي: صدقنا وأذعنا؛ وصرنا ممن اتبعوا رسولك؛ فاغفر لنا [ ص: 5124 ] وشأن المؤمن الضارع أن يحسب أن ذنوبه قبل حسناته؛ فيطلب الغفران قبل طلب الجزاء على الطاعة; لأنه يحس أنه لم يقم بحق الله (تعالى) عليه؛ حتى يطالب بحق له؛ وارحمنا ؛ أي: امنن علينا بدوام الهداية؛ وأدخلنا في رحمتك؛ دعوا الله (تعالى) أن يرحمهم؛ ولم يدعوه بأن يكافئهم؛ بل يحسبون - كشأن الأبرار - أن ما كان يجزيهم به من خير فهو فضل رحمته ورضوانه؛ ولا يحسبون أنهم عملوا ما يستحقون عليه جزاء؛ وأنت خير الراحمين ؛ أي: وأنت الذي ترحم رحمة ليس فوقها رحمة؛ يا رب العالمين.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية