(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير )
قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) في الآية مسائل :
المسألة الأولى : قال
الأزهري :
nindex.php?page=treesubj&link=34077أصل الزحف للصبي ، وهو أن يزحف على إسته قبل أن يقوم ، وشبه بزحف الصبي مشي الطائفتين اللتين تذهب كل واحدة منهما إلى صاحبتها للقتال ، فيمشي كل فئة مشيا رويدا إلى الفئة الأخرى قبل التداني للضراب ، قال
ثعلب : الزحف المشي قليلا قليلا إلى الشيء ، ومنه الزحاف في الشعر يسقط مما بين حرفين حرف فيزحف أحدهما إلى الآخر .
[ ص: 111 ] إذا عرفت هذا فنقول : قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15إذا لقيتم الذين كفروا زحفا ) أي متزاحفين نصب على الحال ، ويجوز أن يكون حالا للكفار ، ويجوز أن يكون حالا للمخاطبين وهم المؤمنون ، والزحف مصدر موصوف به كالعدل والرضا ، ولذلك لم يجمع ، والمعنى : إذا ذهبتم إليهم للقتال فلا تنهزموا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28979_8168ومعنى( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15فلا تولوهم الأدبار ) أي لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم . ثم إنه تعالى لما نهى عن هذا الانهزام بين أن هذا الانهزام محرم إلا في حالتين :
إحداهما :
nindex.php?page=treesubj&link=8178أن يكون متحرفا للقتال ، والمراد منه أن يخيل إلى عدوه أنه منهزم ، ثم ينعطف عليه ، وهو أحد أبواب خدع الحرب ومكايدها ، يقال : تحرف وانحرف إذا زال عن جهة الاستواء .
والثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=28979_8179قوله :( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16أو متحيزا إلى فئة ) قال
أبو عبيدة : التحيز التنحي وفيه لغتان : التحيز والتحوز . قال
الواحدي : وأصل هذا الحوز ، وهو الجمع ، يقال : حزته فانحاز وتحوز وتحيز إذا انضم واجتمع ، ثم سمي التنحي تحيزا ، لأن المتنحي عن جانب ينفصل عنه ويميل إلى غيره .
إذا عرفت هذا فنقول : الفئة الجماعة ، فإذا كان هذا المتحيز كالمنفرد ، وفي الكفار كثرة ، وغلب على ظن ذلك المنفرد أنه إن ثبت قتل من غير فائدة ، وإن تحيز إلى جمع كان راجيا للخلاص ، وطامعا في العدو بالكثرة ، فربما وجب عليه التحيز إلى هذه الفئة فضلا عن أن يكون ذلك جائزا ، والحاصل أن
nindex.php?page=treesubj&link=8168الانهزام من العدو حرام إلا في هاتين الحالتين .
ثم إنه تعالى قال :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره ) إلا في هاتين الحالتين ، فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير .
المسألة الثانية : احتج القاضي بهذه الآية على القطع بوعيد الفساق من أهل الصلاة ، وذلك لأن الآية دلت على أن من انهزم إلا في هاتين الحالتين استوجب غضب الله ونار جهنم ، قال : وليس
للمرجئة أن يحملوا هذه الآية على الكفار دون أهل الصلاة ، كصنعهم في سائر آيات الوعيد ، لأن هذا الوعيد مختص بأهل الصلاة .
واعلم أن هذه المسألة قد ذكرناها على الاستقصاء في سورة البقرة ، وذكرنا أن الاستدلال بهذه الظواهر لا يفيد إلا الظن ، وقد ذكرنا أيضا أنها معارضة بعمومات الوعد ، وذكرنا أن الترجيح بجانب عمومات الوعد من الوجوه الكثيرة ، فلا فائدة في الإعادة .
المسألة الثالثة : اختلف المفسرون في أن هذا الحكم هل هو مختص بيوم
بدر أو هو حاصل على الإطلاق ، فنقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري والحسن وقتادة والضحاك أن هذا الحكم مختص بمن كان انهزم يوم
بدر ، قالوا : والسبب في اختصاص يوم
بدر بهذا الحكم أمور :
أحدها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حاضرا يوم
بدر ومع حضوره لا يعد غيره فيه ، إما لأجل أنه لا يساوى به سائر الفئات ، بل هو أشرف وأعلى من الكل ، وإما لأجل أن الله تعالى وعده بالنصر والظفر فلم يكن لهم التحيز إلى فئة أخرى .
وثانيها : أنه تعالى شدد الأمر على
أهل بدر ، لأنه كان أول الجهاد ، ولو اتفق للمسلمين انهزام فيه لزم منه الخلل العظيم ، فلهذا وجب عليهم التشدد والمبالغة ، ولهذا السبب منع الله في ذلك اليوم من أخذ الفداء من الأسرى .
والقول الثاني : أن الحكم المذكور في هذه الآية كان عاما في جميع الحروب ، بدليل أن قوله تعالى :
[ ص: 112 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا ) عام فيتناول جميع السور ، أقصى ما في الباب أنه نزل في واقعة بدر ، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
المسألة الرابعة : اختلفوا في أن جواز
nindex.php?page=treesubj&link=8179التحيز إلى فئة هل يحظر إذا كان العسكر عظيما أو إنما يثبت إذا كان في العسكر خفة ؟ قال بعضهم : إذا عظم العسكر فليس لهم هذا التحيز . وقال بعضهم : بل الكل سواء . وهذا أليق بالظاهر لأنه لم يفصل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077أَصْلُ الزَّحْفِ لِلصَّبِيِّ ، وَهُوَ أَنْ يَزْحَفَ عَلَى إِسْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ ، وَشَبَّهَ بِزَحْفِ الصَّبِيِّ مَشْيَ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَذْهَبُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبَتِهَا لِلْقِتَالِ ، فَيَمْشِي كُلُّ فِئَةٍ مَشْيًا رُوَيْدًا إِلَى الْفِئَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ التَّدَانِي لِلضِّرَابِ ، قَالَ
ثَعْلَبٌ : الزَّحْفُ الْمَشْيُ قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى الشَّيْءِ ، وَمِنْهُ الزِّحَافُ فِي الشِّعْرِ يَسْقُطُ مِمَّا بَيْنَ حَرْفَيْنِ حَرْفٌ فَيَزْحَفُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ .
[ ص: 111 ] إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا ) أَيْ مُتَزَاحِفِينَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا لِلْكُفَّارِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا لِلْمُخَاطَبِينَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَالزَّحْفُ مَصْدَرٌ مَوْصُوفٌ بِهِ كَالْعَدْلِ وَالرِّضَا ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ ، وَالْمَعْنَى : إِذَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِلْقِتَالِ فَلَا تَنْهَزِمُوا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28979_8168وَمَعْنَى( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ) أَيْ لَا تَجْعَلُوا ظُهُورَكُمْ مِمَّا يَلِيهِمْ . ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَهَى عَنْ هَذَا الِانْهِزَامِ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الِانْهِزَامَ مُحَرَّمٌ إِلَّا فِي حَالَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=8178أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّفًا لِلْقِتَالٍ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُخَيِّلَ إِلَى عَدُوِّهِ أَنَّهُ مُنْهَزِمٌ ، ثُمَّ يَنْعَطِفُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَحَدُ أَبْوَابِ خُدَعِ الْحَرْبِ وَمَكَايِدِهَا ، يُقَالُ : تَحَرَّفَ وَانْحَرَفَ إِذَا زَالَ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِوَاءِ .
وَالثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28979_8179قَوْلُهُ :( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ ) قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : التَّحَيُّزُ التَّنَحِّي وَفِيهِ لُغَتَانِ : التَّحَيُّزُ وَالتَّحَوُّزُ . قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَأَصْلُ هَذَا الْحَوْزُ ، وَهُوَ الْجَمْعُ ، يُقَالُ : حُزْتُهُ فَانْحَازَ وَتَحَوَّزَ وَتَحَيَّزَ إِذَا انْضَمَّ وَاجْتَمَعَ ، ثُمَّ سُمِّيَ التَّنَحِّي تَحَيُّزًا ، لِأَنَّ الْمُتَنَحِّيَ عَنْ جَانِبٍ يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَيَمِيلُ إِلَى غَيْرِهِ .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : الْفِئَةُ الْجَمَاعَةُ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُتَحَيِّزُ كَالْمُنْفَرِدِ ، وَفِي الْكُفَّارِ كَثْرَةٌ ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدِ أَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ قُتِلَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ ، وَإِنْ تَحَيَّزَ إِلَى جَمْعٍ كَانَ رَاجِيًا لِلْخَلَاصِ ، وَطَامِعًا فِي الْعَدُوِّ بِالْكَثْرَةِ ، فَرُبَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَيُّزُ إِلَى هَذِهِ الْفِئَةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8168الِانْهِزَامَ مِنَ الْعَدُوِّ حَرَامٌ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ) إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ ، فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ الْقَاضِي بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْقَطْعِ بِوَعِيدِ الْفُسَّاقِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنِ انْهَزَمَ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ اسْتَوْجَبَ غَضَبَ اللَّهِ وَنَارَ جَهَنَّمَ ، قَالَ : وَلَيْسَ
لِلْمُرْجِئَةِ أَنْ يَحْمِلُوا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الْكُفَّارِ دُونَ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، كَصُنْعِهِمْ فِي سَائِرِ آيَاتِ الْوَعِيدِ ، لِأَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الصَّلَاةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِعُمُومَاتِ الْوَعْدِ ، وَذَكَرْنَا أَنَّ التَّرْجِيحَ بِجَانِبِ عُمُومَاتِ الْوَعْدِ مِنَ الْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِيَوْمِ
بَدْرٍ أَوْ هُوَ حَاصِلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، فَنُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ كَانَ انْهَزَمَ يَوْمَ
بَدْرٍ ، قَالُوا : وَالسَّبَبُ فِي اخْتِصَاصِ يَوْمِ
بَدْرٍ بِهَذَا الْحُكْمِ أُمُورٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَاضِرًا يَوْمَ
بَدْرٍ وَمَعَ حُضُورِهِ لَا يُعَدُّ غَيْرُهُ فِيهِ ، إِمَّا لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يُسَاوَى بِهِ سَائِرُ الْفِئَاتِ ، بَلْ هُوَ أَشْرَفُ وَأَعْلَى مِنَ الْكُلِّ ، وَإِمَّا لِأَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمُ التَّحَيُّزُ إِلَى فِئَةٍ أُخْرَى .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ تَعَالَى شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى
أَهْلِ بَدْرٍ ، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ الْجِهَادِ ، وَلَوِ اتَّفَقَ لِلْمُسْلِمِينَ انْهِزَامٌ فِيهِ لَزِمَ مِنْهُ الْخَلَلُ الْعَظِيمُ ، فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِمُ التَّشَدُّدُ وَالْمُبَالَغَةُ ، وَلِهَذَا السَّبَبِ مَنَعَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ أَخْذِ الْفِدَاءِ مِنَ الْأَسْرَى .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْحُرُوبِ ، بِدَلِيلِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
[ ص: 112 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) عَامٌّ فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ السُّوَرِ ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ نَزَلَ فِي وَاقِعَةِ بَدْرٍ ، لَكِنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ جَوَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=8179التَّحَيُّزِ إِلَى فِئَةٍ هَلْ يُحْظَرُ إِذَا كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا أَوْ إِنَّمَا يَثْبُتُ إِذَا كَانَ فِي الْعَسْكَرِ خِفَّةٌ ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِذَا عَظُمَ الْعَسْكَرُ فَلَيْسَ لَهُمْ هَذَا التَّحَيُّزُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلِ الْكُلُّ سَوَاءٌ . وَهَذَا أَلْيَقُ بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ .