[ ص: 241 ] مسألة
قيل : للحكمة في
nindex.php?page=treesubj&link=18947تنزيه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الشعر وجوه :
أحدها : أنه سبحانه أخبر عن الشعراء بأنهم
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=225في كل واد يهيمون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وأنهم يقولون ما لا يفعلون ( الشعراء : 225 - 226 ) وأن للشعر شرائط لا يسمى الإنسان بغيرها شاعرا ، كما قال بعضهم : وقد سئل عن الشاعر ، فقال : إن هزل أضحك ، وإن جد كذب ، فالشاعر بين كذب وإضحاك . فنزه الله نبيه عن هاتين الخصلتين ، وعن كل أمر دنيء ، وإنا لا نكاد نجد شاعرا إلا مادحا ضارعا ، أو هاجيا ذا قذع ، وهذه أوصاف لا تصلح للنبي .
والثاني : أن أهل العروض مجمعون كما قال
ابن فارس على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع ، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم ، وصناعة العروض تقسمه بالحروف المتنوعة ، فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع ، والإيقاع ضرب من الملاهي ، لم يصلح ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال :
لست من دد ولا دد مني .
وأما ما حكي عنه صلى الله عليه وسلم من ألفاظ الوزن ، فالجواب عنها من وجهين :
أحدهما : أنه لم يقصد بها الشعر ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=18947حقيقة الشعر قصده ، قال
ابن فارس :
[ ص: 242 ] الشعر كلام موزون مقفى دال على معنى ، ويكون أكثر من بيت ; لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد .
والثاني : أنه صلى الله عليه سلم كان إذا أنشد شيئا من ذلك غيره .
[ ص: 241 ] مَسْأَلَةٌ
قِيلَ : لِلْحِكْمَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18947تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّعْرِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عَنِ الشُّعَرَاءِ بِأَنَّهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=225فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ( الشُّعَرَاءِ : 225 - 226 ) وَأَنَّ لِلشِّعْرِ شَرَائِطَ لَا يُسَمَّى الْإِنْسَانُ بِغَيْرِهَا شَاعِرًا ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الشَّاعِرِ ، فَقَالَ : إِنْ هَزَلَ أَضْحَكَ ، وَإِنْ جَدَّ كَذَبَ ، فَالشَّاعِرُ بَيْنَ كَذِبٍ وَإِضْحَاكٍ . فَنَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَنْ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ ، وَعَنْ كُلِّ أَمْرٍ دَنِيءٍ ، وَإِنَّا لَا نَكَادُ نَجِدُ شَاعِرًا إِلَّا مَادِحًا ضَارِعًا ، أَوْ هَاجِيًا ذَا قَذْعٍ ، وَهَذِهِ أَوْصَافٌ لَا تَصْلُحُ لِلنَّبِيِّ .
وَالثَّانِي : أَنَّ أَهْلَ الْعَرُوضِ مُجْمِعُونَ كَمَا قَالَ
ابْنُ فَارِسٍ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِنَاعَةِ الْعَرُوضِ وَصِنَاعَةِ الْإِيقَاعِ ، إِلَّا أَنَّ صِنَاعَةَ الْإِيقَاعِ تُقَسِّمُ الزَّمَانَ بِالنَّغَمِ ، وَصِنَاعَةَ الْعَرُوضِ تُقَسِّمُهُ بِالْحُرُوفِ الْمُتَنَوِّعَةِ ، فَلَمَّا كَانَ الشِّعْرُ ذَا مِيزَانٍ يُنَاسِبُ الْإِيقَاعَ ، وَالْإِيقَاعُ ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَاهِي ، لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ قَالَ :
لَسْتُ مِنْ دَدٍ وَلَا دَدٌ مِنِّي .
وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَزْنِ ، فَالْجَوَابُ عَنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الشِّعْرَ ، وَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18947حَقِيقَةِ الشِّعْرِ قَصْدُهُ ، قَالَ
ابْنُ فَارِسٍ :
[ ص: 242 ] الشِّعْرُ كَلَامٌ مَوْزُونٌ مُقَفًّى دَالٌّ عَلَى مَعْنًى ، وَيَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ بَيْتٍ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ اتِّفَاقُ شَطْرٍ وَاحِدٍ بِوَزْنٍ يُشْبِهُ وَزْنَ الشِّعْرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ كَانَ إِذَا أَنْشَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَيَّرَهُ .