(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )
قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28979_28861واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) .
اعلم أنه تعالى كما حذر الإنسان أن يحال بينه وبين قلبه ، فكذلك حذره من الفتن ، والمعنى : واحذروا فتنة إن نزلت بكم لم تقتصر على الظالمين خاصة بل تتعدى إليكم جميعا وتصل إلى الصالح والطالح . عن
الحسن : نزلت في
علي وعمار وطلحة والزبير وهو يوم الجمل خاصة . قال
الزبير : نزلت فينا وقرأناها زمانا وما ظننا أنا أهلها فإذا نحن المعنيون بها ، وعن
السدي : نزلت في
أهل بدر اقتتلوا يوم الجمل ،
وروي أن الزبير كان يسامر النبي صلى الله عليه وسلم يوما إذ أقبل علي رضي الله عنه ، فضحك إليه الزبير فقال رسول الله : "كيف حبك لعلي ؟ " ، فقال : يا رسول الله أحبه كحبي لولدي أو أشد ، فقال : "كيف أنت إذا سرت إليه تقاتله " .
فإن قيل : كيف جاز
nindex.php?page=treesubj&link=34077دخول النون المؤكدة في جواب الأمر ؟ .
قلنا : فيه وجهان :
الأول : أن جواب الأمر جاء بلفظ النهي ، ومتى كان كذلك حسن إدخال النون المؤكدة في ذلك النهي ، كقولك : انزل عن الدابة لا تطرحك أو لا تطرحنك ، وكقوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده ) [النمل : 18] .
الثاني : أن التقدير : واتقوا فتنة تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، إلا أنه جيء بصيغة النهي مبالغة في نفي اختصاص الفتنة بالظالمين كأن الفتنة نهيت عن ذلك الاختصاص ، وقيل لها : لا تصيبي الذين ظلموا خاصة ، والمراد منه : المبالغة في عدم الاختصاص على سبيل الاستعارة .
ثم قال تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25واعلموا أن الله شديد العقاب ) والمراد منه :
nindex.php?page=treesubj&link=19895الحث على لزوم الاستقامة خوفا من عقاب الله .
فإن قيل : حاصل الكلام في الآية أنه تعالى يخوفهم من عذاب لو نزل لعم المذنب وغيره ،
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28824وكيف يليق [ ص: 121 ] برحمة الرحيم الحكيم أن يوصل الفتنة والعذاب إلى من لم يذنب ؟ .
قلنا : إنه تعالى قد ينزل الموت والفقر والعمى والزمانة بعبده ابتداء ، إما لأنه يحسن منه تعالى ذلك بحكم المالكية ، أو لأنه تعالى علم اشتمال ذلك على نوع من أنواع الصلاح على اختلاف المذهبين ، وإذا جاز ذلك لأحد هذين الوجهين فكذا ههنا ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28979_28861وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى كَمَا حَذَّرَ الْإِنْسَانَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ ، فَكَذَلِكَ حَذَّرَهُ مِنَ الْفِتَنِ ، وَالْمَعْنَى : وَاحْذَرُوا فِتْنَةً إِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ لَمْ تَقْتَصِرْ عَلَى الظَّالِمِينَ خَاصَّةً بَلْ تَتَعَدَّى إِلَيْكُمْ جَمِيعًا وَتَصِلُ إِلَى الصَّالِحِ وَالطَّالِحِ . عَنِ
الْحَسَنِ : نَزَلَتْ فِي
عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْجَمَلِ خَاصَّةً . قَالَ
الزُّبَيْرُ : نَزَلَتْ فِينَا وَقَرَأْنَاهَا زَمَانًا وَمَا ظَنَنَّا أَنَّا أَهْلُهَا فَإِذَا نَحْنُ الْمَعْنِيُّونَ بِهَا ، وَعَنِ
السُّدِّيِّ : نَزَلَتْ فِي
أَهْلِ بَدْرٍ اقْتَتَلُوا يَوْمَ الْجَمَلِ ،
وَرُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يُسَامِرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَضَحِكَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "كَيْفَ حُبُّكَ لِعَلِيٍّ ؟ " ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّهُ كَحُبِّي لِوَلَدِي أَوْ أَشَدَّ ، فَقَالَ : "كَيْفَ أَنْتَ إِذَا سِرْتَ إِلَيْهِ تُقَاتِلُهُ " .
فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ جَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=34077دُخُولُ النُّونِ الْمُؤَكِّدَةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ ؟ .
قُلْنَا : فِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ جَوَابَ الْأَمْرِ جَاءَ بِلَفْظِ النَّهْيِ ، وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ حَسُنَ إِدْخَالُ النُّونِ الْمُؤَكَّدَةِ فِي ذَلِكَ النَّهْيِ ، كَقَوْلِكَ : انْزِلْ عَنِ الدَّابَّةِ لَا تَطْرَحْكَ أَوْ لَا تَطْرَحَنَّكَ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ) [النَّمْلِ : 18] .
الثَّانِي : أَنَّ التَّقْدِيرَ : وَاتَّقُوا فِتْنَةً تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ، إِلَّا أَنَّهُ جِيءَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ مُبَالَغَةً فِي نَفْيِ اخْتِصَاصِ الْفِتْنَةِ بِالظَّالِمِينَ كَأَنَّ الْفِتْنَةَ نُهِيَتْ عَنْ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصِ ، وَقِيلَ لَهَا : لَا تُصِيبِي الَّذِينَ ظَلَمُوا خَاصَّةً ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ : الْمُبَالَغَةُ فِي عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19895الْحَثُّ عَلَى لُزُومِ الِاسْتِقَامَةِ خَوْفًا مِنْ عِقَابِ اللَّهِ .
فَإِنْ قِيلَ : حَاصِلُ الْكَلَامِ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى يُخَوِّفُهُمْ مِنْ عَذَابٍ لَوْ نَزَلَ لَعَمَّ الْمُذْنِبَ وَغَيْرَهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28824وَكَيْفَ يَلِيقُ [ ص: 121 ] بِرَحْمَةِ الرَّحِيمِ الْحَكِيمِ أَنْ يُوصِلَ الْفِتْنَةَ وَالْعَذَابَ إِلَى مَنْ لَمْ يُذْنِبْ ؟ .
قُلْنَا : إِنَّهُ تَعَالَى قَدْ يُنْزِلُ الْمَوْتَ وَالْفَقْرَ وَالْعَمَى وَالزَّمَانَةَ بِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً ، إِمَّا لِأَنَّهُ يَحْسُنُ مِنْهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِحُكْمِ الْمَالِكِيَّةِ ، أَوْ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ اشْتِمَالَ ذَلِكَ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّلَاحِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذْهَبَيْنِ ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَكَذَا هَهُنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .