الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      القاضي أبو خازم

                                                                                      الفقيه ، العلامة ، قاضي القضاة أبو خازم ، عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني البصري ، ثم البغدادي الحنفي .

                                                                                      حدث عن : محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى ، وشعيب بن أيوب ، وطائفة .

                                                                                      روى عنه : مكرم بن أحمد ، وأبو محمد بن زبر .

                                                                                      وكان ثقة ، دينا ، ورعا ، عالما ، أحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات ، بصيرا بالجبر والمقابلة ، فارضا ، ذكيا ، كامل العقل .

                                                                                      أخذ عن هلال الرأي ، وبكر العمي ، ومحمود الأنصاري ، الفقهاء ، أصحاب محمد بن شجاع وغيره .

                                                                                      وبرع في المذهب حتى فضل على مشايخه ، وبه يضرب المثل في العقل .

                                                                                      [ ص: 540 ] قال أبو إسحاق الشيرازي في " طبقات الفقهاء " ومنهم أبو خازم . . . أخذ عن شيوخ البصرة ، وولي القضاء بالشام وبالكوفة وكرخ بغداد .

                                                                                      قال أبو علي التنوخي : حدثنا القاضي أبو بكر بن مروان ، حدثني مكرم بن بكر ، قال : كنت في مجلس أبي خازم القاضي ، فتقدم شيخ معه غلام ، فادعى عليه بألف دينار ، فأقر الحدث ، فقال القاضي للشيخ : ما تشاء ؟ قال : حبسه .

                                                                                      فقال للحدث : قد سمعت فهل توفيه البعض ؟ قال : لا . ففكر ساعة ، ثم قال : تلازما حتى أنظر . فقلت : لم أخر القاضي الحبس ؟ قال : ويحك ! إني أعرف في أكثر الأحوال وجه المحق من المبطل ، وقد وقع لي أن سماحته بالإقرار شيء بعيد من الحق .

                                                                                      أما رأيت قلة تغاضبهما في المحاورة مع عظم المال ؟ فبينا نحن كذلك ، إذ استبان الأمر ، فاستأذن تاجر موسر ، فأذن له القاضي ، فدخل ، وقال : قد بليت بابن لي حدث ، يتلف مالي عند فلان المقبن ، فإذا منعته مالي احتال بحيل يلجئني إلى التزام غرم ، وأقربه أنه نصب المقبن إليه اليوم لمطالبته بألف دينار ، وأقع مع أمه -إن حبس- في نكد .

                                                                                      فتبسم القاضي ، وطلب الغلام والشيخ ، فأدخلا ، فوعظ الغلام ، فأقر الشيخ ، وأخذ التاجر بيد ابنه ، وانصرف .

                                                                                      قال أبو برزة الحاسب : لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم القاضي .

                                                                                      قال القاضي أبو الطاهر الذهلي : بلغني أن أبا خازم ، القاضي جلس [ ص: 541 ] في الشرقية ، فأدب خصما لأمر ، فمات ، فكتب رقعة إلى المعتضد يقول : إن دية هذا في بيت المال ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحملها إلى ورثته فعل . فحمل إليه عشرة آلاف ، فدفعها إلى ورثته .

                                                                                      قلت ; قد كان المعتضد يحترم أبا خازم ويجله ، قيل : إن أبا خازم لما احتضر بكى ، وجعل يقول : يا رب! من القضاء إلى القبر .

                                                                                      وله شعر رقيق .

                                                                                      قال محمد بن الفيض : ولي قضاء دمشق أبو خازم ، سنة أربع وستين ومائتين ، إلى أن قدم المعتضد قبل الخلافة دمشق لحرب ابن طولون ، فسار معه أبو خازم إلى العراق .

                                                                                      قال الطحاوي : مات ببغداد في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين .

                                                                                      ولنا : أبو حازم ، بحاء مهملة : أحمد بن محمد بن نصر .

                                                                                      مات سنة ست عشرة وثلاث مائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية