الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في إملائه : الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم والذين هادوا هم اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 119 ] ومعنى هادوا أي : رجعوا بالتوبة إلى الله من عبادة العجل .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنه قوله تعالى : إنا هدنا إليك [ 7 \ 156 ] ، وكان رجوعهم عن عبادة العجل بالتوبة النصوح : حيث سلموا أنفسهم للقتل توبة وإنابة إلى الله كما بينه بقوله : فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم إلى قوله فتاب عليكم [ 2 \ 54 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في : إن زعمتم أنكم أولياء لله أي : إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم أولياء لله ، وأبناء الله وأحباؤه دون غيركم من الناس ، فتمنوا الموت : لأن ولي الله حقا يتمنى لقاءه ، والإسراع إلى ما أعد له من النعيم المقيم . ا هـ .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله - رحمة الله تعالى علينا وعليه - إشارة إلى بيان زعمهم المجمل في الآية وهو ما بينه تعالى بقوله عنهم وعن النصارى معهم : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه [ 5 \ 18 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد رد زعمهم عليهم بقوله تعالى : قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق .

                                                                                                                                                                                                                                      ومثل هذه الآية إن زعمتم قوله تعالى : قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين [ 2 \ 94 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - : وقيل المراد بالتمني المباهلة ، والمراد من الآية إظهار كذب اليهود في دعواهم أنهم أولياء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن زعمتم مع قوله : إن كنتم شرطان يترتب الأخذ منهما على الأول أي فتمنوا الموت ، إن زعمتم ، إن صدقتم في زعمكم ، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا منا معاقل عز زانها كرم



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية