الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أوم ]

                                                          أوم : الأوام ، بالضم : العطش ، وقيل : حره ، وقيل : شدة العطش وأن يضج العطشان ؛ قال ابن بري : شاهده قول أبي محمد الفقعسي :


                                                          قد علمت أني مروي هامها ومذهب الغليل من أوامها



                                                          وقد آم يئوم أوما ، وفي التهذيب : ولم يذكر له فعلا . والإيام : الدخان ، والجمع أيم ، ألزمت عينه البدل لغير علة ، وإلا فحكمه أن يصح لأنه ليس بمصدر فيعتل باعتلال فعله ، وقد آم عليها وآمها يئومها أوما وإياما : دخن ؛ قال ساعدة بن جؤية :


                                                          فما برح الأسباب ، حتى وضعنه     لدى الثول ينفي جثها ويئومها



                                                          وهذه الكلمة واوية ويائية ، وهي من الياء بدلالة قولهم آم يئيم ، وهي من الواو بدليل قولهم يئوم أوما ، فحصل من ذلك أنها واوية ويائية ، غير أنهم لم يقولوا في الدخان أوام إنما قالوا إيام فقط ، وإنما تداولت الياء والواو فعله ومصدره ؛ قال ابن سيده : فإن قيل فقد ذكرت الإيام الذي هو الدخان هنا ، وإنما موضعه الياء ، قلنا : إن الياء في الإيام الذي هو الدخان ، قد تكون مقلوبة في لغة من قال آمها يئومها أوما ، فكأنا إنما قلنا الأوام وإن كان حكمها أن لا تنقلب هنا لأنه اسم لا مصدر ، لكنها قلبت هنا قلبا لغير علة كما قلنا ، إلا طلب الخفة ، وسنذكر الإيام في الياء . والمؤوم مثل المعوم : العظيم الرأس والخلق ، وقيل : المشوه كالموأم ؛ قال : وأرى الموأم مقلوبا عن المؤوم ؛ وأنشد ابن الأعرابي لعنترة :


                                                          وكأنما ينأى بجانب دفها ال     وحشي من هزج العشي مؤوم



                                                          فسره بأنه المشوه الخلق ؛ قال ابن بري : يعني سنورا ، قال : والهزج [ ص: 199 ] المتراكب الصوت ، وعنى به هرا وإن لم يتقدم له ذكر ، وإنما أتى به في أول البيت الثاني والتقدير ينأى بجانبها من مصوت بالعشي هر ، ومن روى تتأى بالتاء لتأنيث الناقة ، قال هر ، بالخفض ، وتقديره من هر هزج العشي : وفسر الأزهري هذا البيت فقال : أراد من حاد هزج العشي بحدائه . قال : والأوام أيضا دخان المشتار . والآمة : العيب ؛ قال عبيد :


                                                          مهلا ، أبيت اللعن ! مه     لا ، إن فيما قلت آمه



                                                          والآمة أيضا : ما يعلق بسرة المولود إذا سقط من بطن أمه . ويقال : ما لف فيه من خرقة وما خرج معه ؛ وقال حسان :


                                                          وموءودة مقرورة في معاوز     بآمتها مرسومة لم توسد



                                                          أبو عمرو : الليالي الأوم المنكرة ، وليال أوم كذلك ؛ وأنشد :


                                                          لما رأيت آخر الليل عتم     وأنها إحدى لياليك الأوم



                                                          قال أبو علي : يجوز أن يكون مأخوذا من الآمة ، وهي العيب ، ومن قولهم مؤوم . ودعا جرير رجلا من بني كليب إلى مهاجاته فقال الكليبي : إن نسائي بآمتهن وإن الشعراء لم تدع في نسائك مترقعا ؛ أراد أن نساءه لم يهتك سترهن ولم يذكر سواهن سوأتهن ، بمنزلة التي ولدت وهي غير مخفوضة ولا مقتضة . وآمه الله أي شوه خلقه . والأوام : دوار في الرأس . الجوهري : يقال أومه الكلأ تأويما أي سمنه وعظم خلقه ؛ قال الشاعر :


                                                          عركرك مهجر الضؤبان ، أومه     روض القذاف ربيعا أي تأويم



                                                          قال ابن بري : عركرك غليظ قوي ، ومهجر أي فائق ، والأصل في قولهم بعير مهجر أي يهجر الناس بذكره أي ينعتونه ، والضؤبان : السمين الشديد أي هو يفوق السمان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية