الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم

                                                                                                                                                                                                                                      260 - وإذ قال إبراهيم رب أرني بصرني كيف تحي الموتى موضع كيف نصب بـ تحي قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي وإنما قال له: أولم تؤمن وقد علم أنه أثبت الناس إيمانا; ليجيب بما أجاب به; لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين. و بلى إيجاب لما بعد النفي. معناه "بلى" آمنت، ولكن لأزيد سكونا وطمأنينة بمضامة علم الضرورة علم الاستدلال، وتظاهر الأدلة أسكن للقلوب، وأزيد للبصيرة. فعلم الاستدلال يجوز معه التشكيك بخلاف الضروري، واللام تتعلق بمحذوف، تقديره: ولكن سألت ذلك إرادة طمأنينة القلب. قال فخذ أربعة من الطير طاووسا، وديكا، وغرابا، وحمامة. [ ص: 216 ] فصرهن إليك وبكسر الصاد، حمزة، أي: أملهن، واضممهن إليك. ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم جزئهن، وفرق أجزاءهن على الجبال التي بحضرتك وفي أرضك، وكانت أربعة أجبل، أو سبعة. (جزءا) بضمتين وهمز، أبو بكر. ثم ادعهن قل لهن: تعالين بإذن الله. يأتينك سعيا مصدر في موضع الحال، أي: ساعيات مسرعات في طيرانهن، أو في مشيهن على أرجلهن، وإنما أمره بضمها إلى نفسه بعد أخذها ليتأملها، ويعرف أشكالها وهيئاتها، وحلاها; لئلا تلتبس عليه بعد الإحياء، ولا يتوهم أنها غير تلك. وروي أنه أمر بأن يذبحها، وينتف ريشها، ويقطعها، ويفرق أجزاءها، ويخلط ريشها ودماءها ولحومها، وأن يمسك رءوسها، ثم أمر أن يجعل أجزاءها على الجبال، على كل جبل ربعا من كل طائر، ثم يصيح بها: تعالين بإذن الله تعالى. فجعل كل جزء يطير إلى الآخر حتى صارت جثثا، ثم أقبلن فانضممن إلى رءوسهن، كل جثة إلى رأسها. واعلم أن الله عزيز لا يمتنع عليه ما يريده حكيم فيما يدبر لا يفعل إلا ما فيه الحكمة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية