الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ثم يبين - سبحانه - أن هذه الآفات تكب الناس على وجوههم في جهنم؛ لولا فضل الله؛ وأشنعها حديث الإفك؛ فقال (تعالى): ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم ؛ " لولا " ؛ هنا؛ حرف امتناع لوجود؛ والجواب الممتنع لوجود فعل محذوف؛ لتذهب فيه النفس والفكر كل مذهب؛ وذلك ينبئ عن أنه هول أي هول؛ وشديد أي شدة؛ يتناسب مع عظم الجرم؛ وذلك العذاب ممتنع لوجود فضل الله (تعالى) المنعم [ ص: 5166 ] علينا ببيان شريعته وعفوه عنا؛ وقد نبهنا إلى مغبة هذا؛ لنرتدع؛ ونستغفر؛ ونقلع عن أهواء النفس؛ ووسوسة الشيطان؛ ورحمته بنا من أن نؤخذ بجرمنا فور ارتكابه؛ وإن كنا نستحقه؛ وأن الله (تعالى) من صفته أنه رؤوف رحيم؛ " الرأفة " : انفعال النفس بالرفق والعطف على من يخشى عليه؛ وهذا بالنسبة للإنسان؛ أما بالنسبة لله (تعالى) فهي صفة تليق بذاته الكريمة؛ وهي تقابل ما عند العبيد؛ ولكنها تتفق مع صفات الكمال التي يتصف بها الله (تعالى)؛ والرحمة لطف الله (تعالى) في الأحكام؛ ووضعها في مواضعها سواء أكانت خفيفة أم كانت غليظة؛ في عقاب؛ فالعقوبة - مهما كانت شديدة - من رحمة الله (تعالى) بعباده؛ وإن رمي الأبرياء من طاعة الشيطان؛ ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية