الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [33 - 36] وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنـزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا مس الناس ضر أي: شدة: دعوا ربهم منيبين إليه أي: راجعين إليه وحده دون شركائهم: ثم إذا أذاقهم منه رحمة أي: خلاصا من تلك الشدة: إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم أي: بالسبب الذي آتيناهم الرحمة من أجله، وهو الإنابة، واللام للعاقبة. وقيل: للأمر التهديدي، كقوله تعالى: فتمتعوا فسوف [ ص: 4780 ] تعلمون أي: عاقبة تمتعكم ووباله.

                                                                                                                                                                                                                                      أم أنـزلنا عليهم سلطانا أي: حجة واضحة قاهرة: فهو يتكلم أي: تكلم دلالة، كما في قوله تعالى: هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق بما كانوا به يشركون أي: بإشراكهم، وهذا استفهام إنكار، أي: لم يكن شيء من ذلك: وإذا أذقنا الناس رحمة أي: نعمة من صحة وسعة: فرحوا بها أي: بطرا وفخرا، لا حمدا وشكرا: وإن تصبهم سيئة أي: شدة: بما قدمت أيديهم أي: من المعاصي والآثام: إذا هم يقنطون أي: ييأسون من روح الله قال: هذا إنكار على الإنسان من حيث هو، إلا من عصمه الله تعالى ووفقه، فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر، وقال: ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور أي: يفرح في نفسه، يفخر على غيره، وإذا أصابته شدة قنط، وأيس أن يحصل بعد ذلك خير بالكلية قال الله تعالى: إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أي: صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء، كما ثبت في (الصحيح): « عجبا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له » .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية