الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في كفالة المرأة الأيم البكر والثيب وذات الزوج

                                                                                                                                                                                        ويختلف في كفالة البكر التي لا أب لها ولم يتقدم عليها ولاء ولم تبلغ التعنيس على الاختلاف في أفعالها، فإن عنست جازت كفالتها وهباتها، وكفالة البكر وهباتها التي لها أب ولم تعنس على الرد.

                                                                                                                                                                                        واختلف عن مالك إذا عنست، فقال مرة: تجوز، ومرة لا تجوز ، وقال: إذا أجاز الأب جاز وإلا لم يجز. يريد: أن الأب أعلم بحالها فإن علم رشدا أجازه وإلا لم يجزه، وهذا كما قيل أن للوصي إذا علم من يتيمه رشدا أن يدفع إليه ماله من غير حاكم.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في حمالة الثيب: إنها جائزة وجعل محمل الثيب على الجواز. يريد: إذا طال أمرها بعد الابتناء وإن كانت اليوم لا زوج لها.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الثيب ذات الزوج إذا تكفلت بقدر ثلثها يجوز إذا طال أمرها ولم تقصد الضرر.

                                                                                                                                                                                        واختلف في خمسة مواضع: إذا قصدت الضرر وإن تجاوز الثلث.

                                                                                                                                                                                        والثاني: إذا كان أكثر من الثلث هل يمضي قدر الثلث أو يرد الجميع.

                                                                                                                                                                                        والثالث: إذا كان المتحمل به موسرا هل يمضي جميعها وإن كانت أكثر من الثلث؟

                                                                                                                                                                                        والرابع: إذا تكفلت بكفالة بعد كفالة على قرب من الأولى.

                                                                                                                                                                                        والخامس: إذا كانت على بعد من الأولى فتكفلت ووهبت من بقية المال [ ص: 5655 ] الأول أو من فائدة.

                                                                                                                                                                                        والاختلاف في هذه الوجوه مذكور في كتاب الصدقة.

                                                                                                                                                                                        فأما كفالتها بموسر إذا كانت بأكثر من الثلث فمنعه ابن القاسم وأجازه ابن الماجشون وهو أثبت ؛ لأن الغالب المسالمة وبقاء الأولى على اليسر وإن احتيج فإلى البعض مع أن لها مرجعا، وإذا تكفلت بزوجها أو له ثم قالت: كرهني، لم يقبل قولها. قال أشهب: فإن ثبت ذلك وتكفلت بزوجها لأجنبي لزمها إلا أن يعلم صاحب الحق وإن لم تقم بينة وقال: لم أعلم حلف إن كان متهما بالعلم على ذلك مثل القريب الجوار وشبهه، فإن نكل حلفت أنه علم وبرئت، فإن كان ممن لا يمكنه علم ذلك لم يكن له عليه يمين، قال: وأما كفالتها بغير زوجها لزوجها فإنه ينظر في ذلك، فإن كان ظاهر الإساءة إليها بالبينة العادلة وقلة ورعه فيها وقهره لها وتحامله عليها بما لا يحل، حلفت وكانت الحمالة موضوعة عنها فألزمها الكفالة للأجنبي، وإن ثبت الإكراه إذا لم يعلم ذلك المكفول له؛ لأنها غرته فقد كان عليها أن تعلمه إلا أن تكون كفالتها بعد عقد البيع ولم ينقص ماله عن يوم الحمالة لم تلزمها الكفالة له؛ لأنه المكره وهو عالم.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم: إذا تكفلت ذات الزوج بوجه رجل على أن لا مال عليها كان لزوجها رد ذلك؛ لأنه يقول: تحبس وأمنع منها وأخرج إلى الخصومة وليس ذلك علي وليس كالكفالة بالمال.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية