الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله (تعالى): إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ؛ البشارة هي خبر على وصف؛ وهو في الأصل لما يسر؛ لظهور السرور في بشرة وجهه إذا [ ص: 295 ] بشر؛ والبشرة هي ظاهر الجلد؛ فأضافت الملائكة البشارة إلى الله (تعالى)؛ وكان الله (تعالى) هو مبشرها؛ وإن كانت الملائكة خاطبوها؛ وكذلك قال أصحابنا فيمن قال: "إن بشرت فلانا بقدوم فلان فعبدي حر"؛ فقدم وأرسل إليه رسولا يخبره بقدومه؛ فقال له الرسول: "إن فلانا يقول لك: قد قدم فلان"؛ أنه يحنث في يمينه; لأن المرسل هو المبشر؛ دون الرسول؛ ولأجل ما ذكرنا؛ من تضمن البشارة إحداث السرور؛ قال أصحابنا: إن المبشر هو المخبر الأول؛ وإن الثاني ليس بمبشر; لأنه لا يحدث بخبره سرور؛ وقد تطلق البشارة ويراد بها الخبر فحسب؛ كقوله (تعالى): فبشرهم بعذاب أليم .

قوله (تعالى): بكلمة منه ؛ قد قيل: فيه ثلاثة أوجه؛ أحدها أنه لما خلقه الله (تعالى) من غير والد؛ كما قال الله (تعالى): خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ؛ فلما كان خلقه على هذا الوجه من غير والد؛ أطلق عليه اسم الكلمة؛ مجازا؛ كما قال: وكلمته ألقاها إلى مريم ؛ والوجه الثاني أنه لما بشر به في الكتب القديمة أطلق عليه الاسم؛ والوجه الثالث أن الله (تعالى) يهدي به كما يهدي بكلمته.

التالي السابق


الخدمات العلمية