الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثالث والثلاثون

معرفة المسلسل من الحديث

التسلسل من نعوت الأسانيد، وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه، واحدا بعد واحد، على صفة أو حالة واحدة .

وينقسم ذلك إلى ما يكون صفة للرواية والتحمل، وإلى ما يكون صفة للرواة أو حالة لهم .

ثم إن صفاتهم في ذلك وأحوالهم - أقوالا وأفعالا ونحو ذلك - تنقسم إلى ما لا نحصيه .

ونوعه الحاكم أبو عبد الله الحافظ إلى ثمانية أنواع، والذي ذكره فيها إنما هو صور وأمثلة ثمانية ، ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه .

ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمل ما يتسلسل بـ (سمعت فلانا قال: سمعت فلانا) إلى آخر الإسناد ، أو يتسلسل بـ ( حدثنا) أو ( أخبرنا) إلى آخره ، ومن ذلك " أخبرنا والله فلان قال: أخبرنا والله فلان" إلى آخره .

ومثال ما يرجع إلى صفات الرواة وأقوالهم ونحوها إسناد حديث : " اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك" المتسلسل بقولهم : إني أحبك، فقل ، وحديث التشبيك باليد، وحديث العد في اليد، في أشباه لذلك نرويها وتروى كثيرة.

وخيرها ما كان فيه دلالة على اتصال السماع وعدم التدليس.

ومن فضيلة التسلسل اشتماله على مزيد الضبط من الرواة، وقلما تسلم المسلسلات من ضعف، أعني في وصف التسلسل لا في أصل المتن .

ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده، وذلك نقص فيه، وهو كالمسلسل بأول حديث سمعته على ما هو الصحيح في ذلك، والله أعلم .

[ ص: 819 ] [ ص: 820 ] [ ص: 821 ] [ ص: 822 ]

التالي السابق


[ ص: 819 ] [ ص: 820 ] [ ص: 821 ] [ ص: 822 ] النوع الثالث والثلاثون

معرفة المسلسل.

133 - قوله: (ونوعه الحاكم أبو عبد الله إلى ثمانية أنواع، والذي ذكره فيها إنما هو صور وأمثلة ثمانية، ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه) انتهى.

قلت: لم يحصر الحاكم مطلق أنواع التسلسل إلى ثمانية أنواع، وإنما ذكر أنواع التسلسل الدالة على الاتصال لا مطلق التسلسل، ويظهر ذلك بعدها وتعبيره عنها:

فالأول: المسلسل بسمعت.

[ ص: 823 ] والثاني: المسلسل بقولهم: قم فصب علي؛ حتى أريك وضوء فلان.

والثالث: المسلسل بمطلق ما يدل على الاتصال من سمعت، أو أنا، أو ثنا، وإن اختلفت ألفاظ الرواة في ألفاظ الأداء.

الرابع: المسلسل بقولهم: "فإن قيل لفلان: من أمرك بهذا؟ قال: يقول: [ ص: 824 ] أمرني فلان.

والخامس: المسلسل بالأخذ باللحية، وقولهم: "آمنت بالقدر خيره وشره".

والسادس: المسلسل بقولهم: "وعدهن في يدي".

والسابع: المسلسل بقولهم: "شهدت على فلان".

[ ص: 825 ] والثامن: المسلسل بالتشبيك باليد.

قال الحاكم: "فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتصلة التي لا يشوبها تدليس، وآثار السماع بين الراويين ظاهرة" انتهى.

فلم يذكر الحاكم من المسلسلات إلا ما دل على الاتصال دون استيعاب بقية المسلسلات. نعم، بقي على الحاكم عدة من المسلسلات الدالة على الاتصال لم يذكرها، كالمسلسل بقوله: "أطعمنا وسقانا" [ ص: 826 ] والمسلسل بقوله: "أضافنا على الأسودين: التمر والماء" والمسلسل بقوله: "أخذ فلان بيدي" [ ص: 827 ] والمسلسل بالمصافحة، والمسلسل بقص الأظفار يوم الخميس. والله أعلم.




الخدمات العلمية