الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الله تعالى وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج وقال الحسن إن اشترى أباه من الزكاة جاز ويعطي في المجاهدين والذي لم يحج ثم تلا إنما الصدقات للفقراء الآية في أيها أعطيت أجزأت وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله ويذكر عن أبي لاس حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج

                                                                                                                                                                                                        1399 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه وقال ابن إسحاق عن أبي الزناد هي عليه ومثلها معها وقال ابن جريج حدثت عن الأعرج بمثله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب قول الله تعالى : وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ) قال الزين بن المنير : اقتطع البخاري هذه الآية من التفسير للاحتياج إليها في بيان مصاريف الزكاة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويذكر عن ابن عباس : يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج ) وصله أبو عبيد في " كتاب الأموال " من طريق حسان بن أبي الأشرس ، عن مجاهد عنه ، أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج ، وأن يعتق منه الرقبة ، أخرجه عن أبي معاوية ، عن الأعمش عنه ، وأخرج عن أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " أعتق من زكاة مالك " . ، وتابع أبا معاوية عبدة بن سليمان ، رويناه في " فوائد يحيى بن معين " رواية أبي بكر بن علي المروزي عنه ، عن عبدة ، عن الأعمش ، عن ابن أبي الأشرس ، ولفظه : " كان يخرج زكاته ثم يقول : جهزوا منها إلى الحج " . وقال الميموني : قلت لأبي عبد الله يشتري الرجل من زكاة ماله الرقاب فيعتق ، ويجعل في ابن السبيل ؟ قال : نعم ، ابن عباس يقول [ ص: 389 ] ذلك ، ولا أعلم شيئا يدفعه . وقال الخلال : أخبرنا أحمد بن هاشم ، قال : قال أحمد : كنت أرى أن يعتق من الزكاة ، ثم كففت عن ذلك لأني لم أره يصح . قال حرب : فاحتج عليه بحديث ابن عباس ، فقال : هو مضطرب . انتهى . وإنما وصفه بالاضطراب للاختلاف في إسناده على الأعمش كما ترى ، ولهذا لم يجزم به البخاري . وقد اختلف السلف في تفسير قوله تعالى : وفي الرقاب فقيل : المراد شراء الرقبة لتعتق ، وهو رواية ابن القاسم ، عن مالك ، واختيار أبي عبيد ، وأبي ثور وقول إسحاق ، وإليه مال البخاري وابن المنذر ، وقال أبو عبيد : أعلى ما جاء فيه قول ابن عباس ، وهو أولى بالاتباع وأعلم بالتأويل . وروى ابن وهب ، عن مالك أنها في المكاتب ، وهو قول الشافعي ، والليث والكوفيين وأكثر أهل العلم ، ورجحه الطبري . وفيه قول ثالث ، أن سهم الرقاب يجعل نصفين : نصف لكل مكاتب يدعي الإسلام ، ونصف يشتري بها رقابا ممن صلى وصام ، أخرجه ابن أبي حاتم وأبو عبيد في الأموال بإسناد صحيح عن الزهري أنه كتب ذلك لعمر بن عبد العزيز ، واحتج للأول بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين ، لأنه غارم ، وبأن شراء الرقيق ليعتق أولى من إعانة المكاتب لأنه قد يعان ولا يعتق ، ولأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم والزكاة لا تصرف للعبد ، ولأن الشراء يتيسر في كل وقت بخلاف الكتابة ، ولأن ولاءه يرجع للسيد فيأخذ المال ، والولاء بخلاف ذلك ، فإن عتقه يتنجز ويصير ولاؤه للمسلمين ، وهذا الأخير على طريقة مالك في ذلك . وقال أحمد وإسحاق : يرد ولاؤه في شراء الرقاب للعتق أيضا . وعن مالك : الولاء للمعتق تمسكا بالعموم . وقال عبيد الله العنبري : يجعل في بيت المال . وأما سبيل الله ، فالأكثر على أنه يختص بالغازي غنيا كان أو فقيرا إلا أن أبا حنيفة قال : يختص بالغازي المحتاج . وعن أحمد وإسحاق الحج من سبيل الله ، وقد تقدم أثر ابن عباس . وقال ابن عمر : " أما إن الحج من سبيل الله . أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح عنه . وقال ابن المنذر : إن ثبت حديث أبي لاس - يعني الآتي في هذا الباب - قلت بذلك . وتعقب بأنه يحتمل أنهم كانوا فقراء وحملوا عليها خاصة . ولم يتملكوها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الحسن . . . إلخ ) هذا صحيح عنه ، أخرج أوله ابن أبي شيبة من طريقه ، وهو مصير منه إلى القول بالمسألتين معا : الإعتاق من الزكاة ، والصرف منها في الحج ، إلا أن تنصيصه على شراء الأب لم يوافقه عليه الباقون لأنه يعتق عليه ولا يصير ولاؤه للمسلمين فيستعيد المنفعة ويوفر ما كان يخرجه من خالص ماله لدفع عار استرقاق أبيه . وقوله : " في أيها أعطيت جزت " كذا في الأصل بغير همز أي : قضت ، وفيه مصير منه إلى أن اللام في قوله : " للفقراء " لبيان المصرف لا للتمليك ، فلو صرف الزكاة في صنف واحد كفى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالدا إلخ ) سيأتي موصولا في هذا الباب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويذكر عن أبي لاس ) بسين مهملة ، خزاعي اختلف في اسمه فقيل : زياد ، وقيل : عبد الله بن عنمة بمهملة ونون مفتوحتين ، وقيل : غير ذلك . له صحبة وحديثان هذا أحدهما . وقد وصله أحمد ، وابن خزيمة والحاكم وغيرهم من طريقه ، ولفظ أحمد : على إبل من إبل الصدقة ضعاف للحج ، فقلنا : يا رسول الله ، ما نرى أن تحمل هذه . فقال : إنما يحمل الله . الحديث . ورجاله ثقات ، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق ، ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن الأعرج ) في رواية النسائي من طريق علي بن عياش ، عن شعيب مما حدثه عبد الرحمن [ ص: 390 ] الأعرج مما ذكر أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال قال عمر فذكره ، صرح بالتحديث في الإسناد ، وزاد فيه عمر ، والمحفوظ أنه من مسند أبي هريرة ، وإنما جرى لعمر فيه ذكر فقط .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة ) في رواية مسلم من طريق ورقاء ، عن أبي الزناد : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر ساعيا على الصدقة . وهو مشعر بأنها صدقة الفرض ، لأن صدقة التطوع لا يبعث عليها السعاة . وقال ابن القصار المالكي : الأليق أنها صدقة التطوع ، لأنه لا يظن بهؤلاء الصحابة أنهم منعوا الفرض . وتعقب بأنهم ما منعوه كلهم جحدا ولا عنادا ، أما ابن جميل فقد قيل : إنه كان منافقا ، ثم تاب بعد ذلك ، كذا حكاه المهلب ، وجزم القاضي حسين في تعليقه أن فيه نزلت ومنهم من عاهد الله الآية . انتهى . والمشهور أنها نزلت في ثعلبة ، وأما خالد فكان متأولا بإجزاء ما حبسه عن الزكاة ، وكذلك العباس لاعتقاده ما سيأتي التصريح به ، ولهذا عذر النبي صلى الله عليه وسلم خالدا ، والعباس ، ولم يعذر ابن جميل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقيل منع ابن جميل ) قائل ذلك عمر كما سيأتي في حديث ابن عباس في الكلام على قصة العباس ، ووقع في رواية ابن أبي الزناد عند أبي عبيد : " فقال بعض من يلمز " أي : يعيب . وابن جميل لم أقف على اسمه في كتب الحديث ، لكن وقع في تعليق القاضي الحسين المروزي الشافعي ، وتبعه الروياني أن اسمه عبد الله ، ووقع في شرح الشيخ سراج الدين بن الملقن أن ابن بزيزة سماه حميدا ، ولم أر ذلك في كتاب ابن بزيزة . ووقع في رواية ابن جريج أبو جهم بن حذيفة بدل ابن جميل ، وهو خطأ لإطباق الجميع على ابن جميل ، وقول الأكثر أنه كان أنصاريا ، وأما أبو جهم بن حذيفة فهو قرشي فافترقا ، وذكر بعض المتأخرين أن أبا عبيد البكري ذكر في شرح الأمثال له أنه أبو جهم بن جميل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( والعباس ) زاد ابن أبي الزناد عن أبيه عند أبي عبيد : " أن يعطوا الصدقة " قال : فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذب عن اثنين : العباس ، وخالد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما ينقم ) بكسر القاف أي : ما ينكر أو يكره ، وقوله : " فأغناه الله ورسوله " إنما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ، لأنه كان سببا لدخوله في الإسلام ، فأصبح غنيا بعد فقره بما أفاء الله على رسوله وأباح لأمته من الغنائم ، وهذا السياق من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم ، لأنه إذا لم يكن له عذر إلا ما ذكر من أن الله أغناه فلا عذر له ، وفيه التعريض بكفران النعم وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة الإحسان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( احتبس ) أي : حبس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأعتده ) بضم المثناة جمع عتد بفتحتين ، ووقع في رواية مسلم : " أعتاده " وهو جمعه أيضا ، قيل : هو ما يعده الرجل من الدواب والسلاح ، وقيل : الخيل خاصة ، يقال : فرس عتيد ، أي : صلب أو معد للركوب أو سريع الوثوب ، أقوال . وقيل : إن لبعض رواة البخاري : " وأعبده " بالموحدة جمع عبد ، حكاه عياض ، والأول هو المشهور . قوله : ( فهي عليه صدقة ومثلها معها ) كذا في رواية شعيب ، ولم يقل ورقاء ولا موسى بن عقبة [ ص: 391 ] : " صدقة " فعلى الرواية الأولى يكون صلى الله عليه وسلم ألزمه بتضعيف صدقته [1] ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه ، فالمعنى فهو صدقة ثابتة عليه ، سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما ، ودلت رواية مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله : " فهي علي " . وفيه تنبيه على سبب ذلك وهو قوله : " إن العم صنو الأب " تفضيلا له وتشريفا ، ويحتمل أن يكون تحمل عنه بها ، فيستفاد منه أن الزكاة تتعلق بالذمة كما هو أحد قولي الشافعي ، وجمع بعضهم بين رواية : " علي " ، ورواية : " عليه " ، بأن الأصل رواية : " علي " . ورواية : " عليه " مثلها إلا أن فيها زيادة هاء السكت ، حكاه ابن الجوزي ، عن ابن ناصر ، وقيل : معنى قوله : " علي " ؛ أي : هي عندي قرض لأنني استسلفت منه صدقة عامين ، وقد ورد ذلك صريحا فيما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي ، وفي إسناده مقال ، وفي الدارقطني من طريق موسى بن طلحة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين " . وهذا مرسل ، وروى الدارقطني أيضا موصولا بذكر طلحة فيه ، وإسناد المرسل أصح ، وفي الدارقطني أيضا من حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيا ، فأتى العباس فأغلظ له ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن العباس قد أسلفنا زكاة ماله العام ، والعام المقبل . وفي إسناده ضعف ، وأخرجه أيضا هو والطبراني من حديث أبي رافع نحو هذا ، وإسناده ضعيف أيضا ، ومن حديث ابن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين . وفي إسناده محمد بن ذكوان وهو ضعيف ، ولو ثبت لكان رافعا للإشكال ، ولرجح به سياق رواية مسلم على بقية الروايات ، وفيه رد لقول من قال : إن قصة التعجيل إنما وردت في وقت غير الوقت الذي بعث فيهعمر لأخذ الصدقة ، وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق ، والله أعلم . وقيل : المعنى استسلف منه قدر صدقة عامين ; فأمر أن يقاص به من ذلك ، واستبعد ذلك بأنه لو كان وقع لكان صلى الله عليه وسلم أعلم عمر بأنه لا يطالب العباس ، وليس ببعيد . ومعنى " عليه " على التأويل الأول أي : لازمة " له " وليس معناه أنه يقبضها ، لأن الصدقة عليه حرام لكونه من بني هاشم ، ومنهم من حمل رواية الباب على ظاهرها ، فقال : كان ذلك قبل تحريم الصدقة على بني هاشم ، ويؤيده رواية موسى بن عقبة ، عن أبي الزناد عند ابن خزيمة بلفظ : " فهي له " بدل " عليه " ، وقال البيهقي : اللام هنا بمعنى على لتتفق الروايات ، وهذا أولى ، لأن المخرج واحد ، وإليه مال ابن حبان . وقيل : معناها فهي له أي : القدر الذي كان يراد منه أن يخرجه ، لأنني التزمت عنه بإخراجه ، وقيل : إنه أخرها عنه ذلك العام إلى عام قابل فيكون عليه صدقة عامين ، قاله أبو عبيد ، وقيل : إنه كان استدان حين فادى عقيلا وغيره ، فصار من جملة الغارمين ، فساغ له أخذ الزكاة بهذا الاعتبار . وأبعد الأقوال كلها قول من قال : كان هذا في الوقت الذي كان فيه التأديب بالمال ، فألزم العباس بامتناعه من أداء الزكاة بأن يؤدي ضعف ما وجب عليه ، لعظمة قدره وجلالته ، كما في قوله تعالى في نساء النبي صلى الله عليه وسلم : يضاعف لها العذاب ضعفين الآية ، وقد تقدم بعضه في أول الكلام . واستدل بقصة خالد على جواز إخراج مال الزكاة في شراء السلاح وغيره من آلات الحرب والإعانة بها في سبيل الله ، بناء [ ص: 392 ] على أنه عليه الصلاة والسلام أجاز لخالد أن يحاسب نفسه بما حبسه فيما يجب عليه كما سبق ، وهي طريقة البخاري . وأجاب الجمهور بأجوبة : أحدها أن المعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يقبل أخبار من أخبره بمنع خالد حملا على أنه لم يصرح بالمنع ، وإنما نقلوه عنه بناء على ما فهموه ، ويكون قوله : " تظلمونه " ؛ أي بنسبتكم إياه إلى المنع وهو لا يمنع ، وكيف يمنع الفرض وقد تطوع بتحبيس سلاحه وخيله ؟ ثانيها أنهم ظنوا أنها للتجارة فطالبوه بزكاة قيمتها ، فأعلمهم عليه الصلاة والسلام بأنه لا زكاة عليه فيما حبس ، وهذا يحتاج لنقل خاص فيكون فيه حجة لمن أسقط الزكاة عن الأموال المحبسة ، ولمن أوجبها في عروض التجارة . ثالثها أنه كان نوى بإخراجها عن ملكه الزكاة عن ماله ، لأن أحد الأصناف سبيل الله وهم المجاهدون ، وهذا يقوله من يجيز إخراج القيم في الزكاة كالحنفية ومن يجيز التعجيل كالشافعية ، وقد تقدم استدلال البخاري به على إخراج العروض في الزكاة . واستدل بقصة خالد على مشروعية تحبيس الحيوان والسلاح ، وأن الوقف يجوز بقاؤه تحت يد محتبسه ، وعلى جواز إخراج العروض في الزكاة - وقد سبق ما فيه - وعلى صرف الزكاة إلى صنف واحد من الثمانية . وتعقب ابن دقيق العيد جميع ذلك بأن القصة واقعة عين ، محتملة لما ذكر ولغيره ، فلا ينهض الاستدلال بها على شيء مما ذكر ، قال : ويحتمل أن يكون تحبيس خالد إرصادا وعدم تصرف ، ولا يبعد أن يطلق على ذلك التحبيس فلا يتعين الاستدلال بذلك لما ذكر . وفي الحديث : بعث الإمام العمال لجباية الزكاة ، وتنبيه الغافل على ما أنعم الله به من نعمة الغنى بعد الفقر ليقوم بحق الله عليه ، والعتب على من منع الواجب ، وجواز ذكره في غيبته بذلك ، وتحمل الإمام عن بعض رعيته ما يجب عليه ، والاعتذار عن بعض الرعية بما يسوغ الاعتذار به . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية