الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          13 - باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة

                                                                                                          بضم الميم مفاعلة ، من الزبن ، وهو الدفع الشديد ، ومنه الزبانية ملائكة النار ; لأنهم يزبنون الكفرة فيها أي يدفعونهم ، ويقال للحرب زبون لأنها تدفع أبناءها للموت ، وناقة زبون إذا كانت تدفع حالبها عن الحلب ، سمي به هذا البيع المخصوص لأن كل واحد من المتبايعين يزبن أي يدفع الآخر عن حقه بما يزداد منه ، فإذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعا فيحرص أحدهما على فسخ البيع والآخر على إمضائه . والمحاقلة بالمهملة والقاف مفاعلة من الحقل وهو الحرث ، وقال بعض اللغويين : اسم للزرع في الأرض وللأرض التي يزرع فيها ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار : " ما تصنعون بمحاقلكم ؟ " . أي بمزارعكم .

                                                                                                          1317 1305 - ( مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة ) بضم الميم وفتح الزاي والموحدة ، قال القزاز : أصله أن المغبون يريد فسخ البيع والغابن لا يريد فسخه فيتزابنان عليه أي يتدافعان ، زاد ابن بكير وحده : والمحاقلة . ( والمزابنة بيع الثمر ) بفتح [ ص: 406 ] المثلثة والميم ، الرطب على النخل ، ولابن بكير : بيع الرطب ( بالتمر ) بالفوقية وسكون الميم ، اليابس ( كيلا ) نصب على التمييز ، أي من حيث الكيل ، وليس قيدا في هذه الصورة بل جرى على ما كان من عادتهم فلا مفهوم له ، أو له مفهوم ولكنه مفهوم موافقة ; لأن المسكوت عنه أولى بالمنع من المنطوق . ( وبيع الكرم ) بفتح الكاف وسكون الراء ، شجر العنب ، والمراد العنب نفسه . وفي مسلم من رواية عبيد الله عن نافع : وبيع العنب ( بالزبيب كيلا ) ووقع في رواية إسماعيل عن مالك : " وبيع الزبيب بالكرم كيلا : " . من باب القلب ، فالأصل إدخال الباء على الزبيب كما رواه الجمهور ، زاد في رواية أيوب عن نافع : " إن زاد فلي ، وإن نقص فعلي " . قال ابن عبد البر : هذا التفسير إما مرفوع أو من قول الصحابي الراوي ، فيسلم له لأنه أعلم به ، وفيه جواز تسمية العنب كرما ، وحديث النهي عن تسميته به للتنزيه ، وعبر به هنا لبيان الجواز ، قيل : وهذا على أن التفسير مرفوع ، أما على أنه من قول الصحابي فلا . وأخرجه البخاري عن إسماعيل ، وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى ، ثلاثتهم عن مالك به ، وتابعه أيوب عند الشيخين ، وعبيد الله والليث ويونس والضحاك وموسى بن عقبة كلهم عن نافع عند مسلم نحوه .




                                                                                                          الخدمات العلمية