الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          النفاق وضعف الإيمان

                                                          ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ؛ بين - سبحانه وتعالى - الذين استضاؤوا بنور الله (تعالى)؛ وأقاموا الحق في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؛ وأشار إلى أعمال الذين كفروا؛ وأن ما يحسبونه خيرا منها يكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء؛ وشرهم كظلمات في بحر لجي؛ وهنا يبين - سبحانه - حال الذين لا يمس الإيمان قلوبهم؛ وتتردد به ألسنتهم؛ كالأعراب؛ الذين قالوا: آمنا؛ ولم يؤمنوا؛ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم

                                                          يؤكدون إعلانهم الإيمان بأنهم يؤمنون بالله وبالرسول؛ ويؤكدون ذلك بالطاعة؛ والضمير يعود على المنافقين وضعاف الإيمان؛ وإن الأمر الذي يختبر به إيمانهم هو طاعتهم لحكم الله (تعالى)؛ وهؤلاء يبادرون بإعلان الطاعة بألسنتهم؛ وقلوبهم غير مؤمنة؛ ولا خاضعة لحكمه؛ ولا مذعنة لأمره - سبحانه -؛ وإنهم إذ يعلنون الإيمان بالله وبالرسول؛ ويقولون: أطعنا؛ ثم يتولى فريق منهم غير مؤمن للحق؛ ولا مذعن له؛ ولذا يقول الله (تعالى) فيهم: ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك ؛ " يتولى " ؛ أي: يعرض غير مؤمن ولا مذعن؛ والتعبير بـ " ثم " ؛ للبعد بين ما نطقوا وحقيقتهم في ذات أنفسهم؛ ولذلك نفى الله (تعالى) عنهم الإيمان نفيا مؤكدا؛ فقال: وما أولئك بالمؤمنين ؛ " أولئك " ؛ إشارة للذين قالوا: آمنا بالله وبالرسول؛ ثم يتولى فريق ؛ [ ص: 5211 ] فالإشارة إلى هذا الفريق الذي أظهر الإيمان؛ وأبطن الكفر؛ نفى - سبحانه وتعالى - عنهم الإيمان؛ وأكد النفي بالباء؛ لأن الإيمان يقتضي إذعان القلب وتسليم الفؤاد.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية